الخلق، فقال : من علم علماً فليقل به، ومن لم يعلم فليقل : الله أعلم، فإن من علم الرجل أن يقول لشيء لا يعلمه : الله أعلم، ثم قال : ألا وسأحدّثكم أنّ قريشاً لما استعصت على رسول الله ﷺ دعا عليهم فقال :( اللَّهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف ) فأصابهم الجهد حتى أكلوا الجيف والعلهز، وكان الرجل يرى بين السماء والأرض الدخان، وكان يحدّث الرجل فيسمع كلامه ولا يراه من الدخان، فمشى إليه أبو سفيان ونفر معه وناشدوه الله والرحم وواعدوه إن دعا لهم وكشف عنهم أن يؤمنوا، فلما كشف عنهم رجعوا إلى شركهم ﴿ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴾ ظاهر حاله لا يشك أحد في أنه دخان ﴿ يَغْشَى النَّاسَ ﴾ يشملهم ويلبسهم، وهو في محل الجر صفة لدخان. و ﴿ هَاذَا عَذَابٌ ﴾ إلى قوله :﴿ مُؤْمِنُونَ ﴾ منصوب المحل بفعل مضمر، وهو : يقولون، ويقولون : منصوب على الحال، أي : قائلين ذلك. ﴿ إِنَّا مْؤْمِنُونَ ﴾ موعدة بالإيمان إن كشف عنهم العذاب.
! ٧ < ﴿ أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ * إِنَّا كَاشِفُواْ الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴾ > ٧ !
< < الدخان :( ١٣ - ١٦ ) أنى لهم الذكرى..... > > ﴿ أَنَّى لَهُمُ الذّكْرَى ﴾ كيف يذكرون ويتعظون ويفون بما وعدوه من الإيمان عند كشف العذاب ﴿ وَقَدْ جَاءهُمْ ﴾ ما هو أعظم وأدخل في وجوب الادّكار من كشف الدخان، وهو ما ظهر على رسول الله ﷺ من الآيات البينات من الكتاب المعجز وغيره من المعجزات، فلكم يذكروا وتولوا عنه، وبهتوه بأن عداساً غلاماً أعجمياً لبعض ثقيف هو الذي علمه، ونسبوه إلى الجنون، ثم قال :﴿ إِنَّا كَاشِفُواْ الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ﴾ أي ريثما نكشف عنكم العذاب تعودون إلى شرككم لا تلبثون غب الكشف على ما أنتم عليه من التضرع والابتهال. فإن قلت : كيف يستقيم على قول من جعل الدخان قبل يوم القيامة قوله :﴿ إِنَّا كَاشِفُواْ الْعَذَابِ قَلِيلاً ﴾ قلت : إذا أتت السماء بالدخان تضور المعذبين به من الكفار والمنافقين وقالوا ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون منيبون، فيكشفه الله عنهم بعد أربعين يوماً، فريثما يكشفه عنهم يرتدون لا يتمهلون، ثم قال :﴿ يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى ﴾ يريد يوم القيامة، كقوله تعالى :﴿ فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ﴾ ( النازعات : ٣٤ ). ﴿ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴾ أي ننتقم منهم في ذلك اليوم. فإن قلت : بم انتصب يوم نبطش ؟