الإفساد ؟ فإن قلت : فكيف يصح هذا في كلام الله عز وعلا وهو عالم بما كان وبما يكون ؟ قلت : معناه إنكم لما عهد منكم أحقاء بأن يقول لكم كل من ذاقكم وعرف تمريضكم ورخاوة عقدكم في الإيمان : يا هؤلاء، ما ترون ؟ هل يتوقع منكم إن توليتم أمور الناس وتأمرتم عليهم لما تبين منكم من الشواهد ولاح من المخايل ﴿ أَن تُفْسِدُواْ فِى الاْرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ ﴾ تناحرا على الملك وتهالكا على الدنيا ؟ وقيل : إن أعرضتم وتوليتم عن دين رسول الله ﷺ وسنته أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض : بالتغاور والتناهب، وقطع الأرحام : بمقاتلة بعض الأقارب بعضاً ووأد البنات ؟ وقرىء :( وليتم ). وفي قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه :( تُوِلِّتُم ) أي : إن تولاكم ولاة غشمة خرجتم معهم ومشيتم تحت لوائهم وأفسدتم بإفسادهم ؟ وقرىء :( وتَقْطَعُوا ) ( وتقطعوا ) من التقطيع والتقطع ﴿ أَوْلَائِكَ ﴾ إشارة إلى المذكورين ﴿ لَّعَنَهُمُ اللَّهُ ﴾ لإفسادهم وقطعهم الأرحام، فمنعهم ألطافه وخذلهم، حتى صموا عن استماع الموعظة، وعموا عن إبصار طريق الهدى. ويجوز أن يريد بالذين آمنوا : المؤمنين الخلص الثابتين، وأنهم يتسوفون إلى الوحي إذا أبطأ عليهم، فإذا أنزلت سورة في معنى الجهاد : رأيت المنافقين فيما بينهم يضجرون منها.
! ٧ < ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ ﴾ > ٧ !
< < محمد :( ٢٤ ) أفلا يتدبرون القرآن..... > > ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءانَ ﴾ ويتصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر ووعيد العصاة، حتى لا يجسروا على المعاصي، ثم قال :﴿ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ وأم بمعنى بل وهمزة التقرير، للتسجيل عليهم بأن قلوبهم مقفلة لا يتوصل إليها ذكر. وعن قتادة : إذاً والله يجدوا في القرآن زاجراً عن معصية الله لو تدبروه، ولكنهم أخذوا بالمتشابه فهلكوا. فإن قلت : لم نكرت القلوب وأضيفت الأقفال إليها ؟ قلت : أما التنكير ففيه وجهان : أن يراد على قلوب قاسية مبهم أمرها في ذلك. أو يراد على بعض القلوب : وهي قلوب المنافقين. وأما إضافة الأقفال ؛ فلأنه يريد الأقفال المختصة بها، وهي أقفال الكفر التي استغلقت فلا تنفتح. وقرىء :( إقفالها ) على المصدر.
! ٧ < { إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّواْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِى بَعْضِ الاٌّ مْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ