ليخرجون، أي يخرجونكم لإيمانكم، و ﴿ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ ﴾ متعلق بلا تتخذوا، يعني : لا تتولوا أعدائي إن كنتم أوليائي. وقول النحويين في مثله : هو شرط جوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه. و ﴿ تُسِرُّونَ ﴾ استئناف، ومعناه : أيّ طائل لكم في إسراركم وقد علمتم أن الإخفاء والإعلان سيان في علمي لا تفاوت بينهما، وأما مطلع رسولي على ما تسرون ﴿ وَمَن يَفْعَلْهُ ﴾ ومن يفعل هذا الإسرار فقد أخطأ طريق الحق والصواب. وقرأ الجحدري ( لما جاءكم ) أي : كفروا لأجل ما جاءكم، بمعنى : أن ما كان يجب أن يكون سبب إيمانهم جعلوه سبباً لكفرهم. ﴿ إِن يَثْقَفُوكُمْ ﴾ إن يظفروا بكم ويتمكنوا منكم ﴿ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَاء ﴾ خالصي العداوة، ولا يكونوا لكم أولياء كما أنتم ﴿ وَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوء ﴾ بالقتال والشتم، وتمنوا لو ترتدون عن دينكم، فإذن مودة أمثالهم ومناصحتهم خطأ عظيم منكم ومغالطة لأنفسكم ونحوه قوله تعالى :﴿ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً ﴾ ( آل عمران : ١١٨ ) فإن قلت : كيف أورد جواب الشرط مضارعاً مثله ثم قال ﴿ وَوَدُّواْ ﴾ بلفظ الماضي ؟ قلت : الماضي وإن كان يجري في باب الشرط مجرى المضارع في علم الإعراب، فإن فيه نكتة، كأنه قيل : وودّوا قبل كل شيء كفركم وارتدادكم، يعني : أنهم يريدون أن يلحقوا بكم مضار الدنيا والدين جميعاً : من قتل الأنفس، وتمزيق الأعراض، وردّكم كفاراً ؛ وردكم كفاراً أسبق المضارّ عندهم وأوّلها ؛ لعلمهم أن الدين أعز عليكم من أرواحكم، لأنكم بذَّالون لها دونه، والعدوّ أهم شيء عنده أن يقصد أعز شيء عند صاحبه.
! ٧ < ﴿ لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ > ٧ !
< < الممتحنة :( ٣ ) لن تنفعكم أرحامكم..... > > ﴿ لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ ﴾ أي قراباتكم ﴿ وَلاَ أَوْلَادُكُمْ ﴾ الذين توالون الكفار من أجلهم وتتقربون إليهم محاماة عليهم، ثم قال :﴿ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ ﴾ وبين أقاربكم وأولادكم ﴿ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْء مِنْ أَخِيهِ ﴾ ( عبس : ٣٤ ) الآية فما لكم ترفضون حق الله مراعاة لحق من يفرّ منكم غداً : خطأ رأيهم في موالاة الكفار بما يرجع إلى حال من والوه أوّلاً، ثم بما يرجع إلى حال من اقتضى تلك الموالاة ثانياً ؛ ليريهم أن ما أقدموا عليه من أي جهة نظرت فيه وجدته باطلاً. قرىء :( يُفصَل ويُفصَّل )، على البناء للمفعول. ويَفصِل ويُفصِّل، على البناء للفاعل وهو الله عزّ وجل. ونفصل ونفصل، بالنون.
! ٧ < { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِى إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءآؤاْ مِّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لاًّبِيهِ لاّسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَىْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ