الْمَصِيرُ * رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَآ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } > ٧ !
< < الممتحنة :( ٤ ) قد كانت لكم..... > > وقرىء :( أسوة وإسوة ) وهو اسم المؤتسى به، أي كان فيهم مذهب حسن مرضي بأن يؤتسى به ويتبع أثره، وهو قولهم لكفار قومهم ما قالوا، حيث كاشفوهم بالعداوة وقشروا لهم العصا، وأظهروا البغضاء والمقت، وصرحوا بأن سبب عداوتهم وبغضائهم ليس إلا كفرهم بالله ؛ ومادام هذا السبب قائماً كانت العداوة قائمة، حتى إن أزالوه وآمنوا بالله وحده انقلبت العداوة موالاة، والبغضاء محبة، والمقت مقة، فأفصحوا عن محض الإخلاص. ومعنى ﴿ كَفَرْنَا بِكُمْ ﴾ وبما تعبدون من دون الله : أنا لا نعتدّ بشأنكم ولا بشأن آلهتكم، وما أنتم عندنا على شيء. فإن قلت : مم استثني قوله :﴿ إِلاَّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ ﴾ ؟ قلت : من قوله :﴿ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ لأنه أراد بالأسوة الحسنة : قولهم الذي حق عليهم أن يأتسوا به ويتخذونه سنة يستنون بها. فإن قلت : فإن كان قوله ﴿ لاَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ﴾ مستثنى من القول الذي هو أسوة حسنة، فما بال قوله :﴿ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَىْء ﴾ وهو غير حقيق بالاستثناء. ألا ترى إلى قوله ﴿ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ﴾ ( المائدة : ١٧ ) قلت : أراد استثناء جملة قوله لأبيه، والقصد إلى موعد الاستغفار له، وما بعده مبنيّ عليه وتابع له، كأنه قال : أنا أستغفر لك وما في طاقتي إلا الاستغفار. فإن قلت : بم اتصل قوله :﴿ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا ﴾ ؟ قلت : بما قبل الاستثناء، وهو من جملة الأسوة الحسنة. ويجوز أن يكون المعنى : قولوا ربنا، أمراً من الله تعالى للمؤمنين بأن يقولوه، وتعليماً منه لهم تتميماً لما وصاهم به من قطع العلائق بينهم وبين الكفار، والائتساء بإبراهيم وقومه في البراءة منهم، وتنبيهاً على الإنابة إلى الله والاستعاذة به من فتنة أهل الكفر، والاستغفار مما فرط منهم. وقرى :( برآء ) كشركاء. وبراء كظراف. وبراء على إبدال الضم من الكسر، كرخال ورباب. وبراء على الوصف بالمصدر. والبراء والبراءة كالظماء والظماءة.
! ٧ < ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الاٌّ خِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ ﴾ > ٧ !
< < الممتحنة :( ٦ ) لقد كان لكم..... > > ثم كرّر الحث على الائتساء بإبراهيم وقومه تقريراً وتأكيداً عليهم، ولذلك جاء به مصدراً بالقسم لأنه الغاية في التأكيد، وأبدل عن قوله :﴿ لَكُمْ ﴾ قوله :﴿ لّمَن كَانَ * يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الاْخِرَ ﴾ وعقبه بقوله :﴿ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ ﴾ فلم يترك نوعاً من