حتى تمتدّ وتنبسط ويستوي ظهرها، كما قال تعالى :﴿ قَاعاً صَفْصَفاً * لاَّ تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً ﴾ ( طه : ١٠٦ ١٠٧ )، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : مدّت مدّ الأديم العكاظي ؛ لأن الأديم إذا مدّ زال انثناء فيه وأمت واستوى أو من مدّه بمعنى أمدّه، أي : زيدت سعة وبسطة ﴿ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا ﴾ ورمت بما في جوفها مما دفن فيها من الموتى والكنوز ﴿ وَتَخَلَّتْ ﴾ وخلت غاية الخلو حتى لم يبق شيء في باطنها، كأنها تكلفت أقصى جهدها في الخلو، كما يقال : تكرم الكريم، وترحم الرحيم : إذا بلغا جهدهما في الكرم والرحمة، وتكلفا فوق ما في طبعهما ﴿ وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا ﴾ في إلقاء ما في بطنها وتخليها.
! ٧ < ﴿ ياأَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً * وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً * وَيَصْلَى سَعِيراً * إِنَّهُ كَانَ فِى أَهْلِهِ مَسْرُوراً * إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ * بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً ﴾ > ٧ !
< < الإنشقاق :( ٦ ) يا أيها الإنسان..... > > الكدح : جهد النفس في العمل والكدّ فيه حتى يؤثر فيها، من كدح جلده : إذا خدشه ومعنى ﴿ كَادِحٌ إِلَى رَبّكَ ﴾ جاهد إلى لقاء ربك، وهو الموت وما بعده من الحال الممثلة باللقاء ﴿ فَمُلَاقِيهِ ﴾ فملاق له لا محالة لا مفرّ لك منه، وقيل : الضمير في ملاقيه للكدح ﴿ يَسِيراً ﴾ سهلاً هينا لا يناقش فيه ولا يعترض بما يسوءه ويشق عليه، كما يناقش أصحاب الشمال. وعن عائشة رضي الله عنها : هو أن يعرّف ذنوبه، ثم يتجاوز عنه. وعن النبي ﷺ أنه قال :
( ١٢٨٠ ) ( من يحاسب يعذب فقيل يا رسول الله : فسوف يحاسب حساباً يسيراً. قال ذلكم العرض، من نوقش في الحساب عذب ) ﴿ إِلَى أَهْلِهِ ﴾ إلى عشيرته إن كانوا مؤمنين. أو إلى فريق المؤمنين. أو إلى أهله في الجنة من الحور العين ﴿ وَرَاء ظَهْرِهِ ﴾ قيل : تغل يمناه إلى عنقه، وتجعل شماله وراء ظهره، فيؤتى كتابه بشماله من روءا ظهره. وقيل تخلع يده اليسرى من وراء ظهره، ﴿ يَدْعُو ثُبُوراً ﴾ يقول : يا ثبوراه. والثبور : الهلاك. وقرىء ( ويصلى سعيراً ) كقوله :﴿ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ﴾ ( الواقعة : ٩٤ )، ويصلى : بضم الياء والتخفيف، كقوله :﴿ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ﴾ ( النساء : ١١٥ )، ﴿ فِى أَهْلِهِ ﴾ فيما بين ظهرانيهم : أو معهم، على أنهم كانوا جميعاً مسرورين، يعني أنه كان في الدنيا مترفا بطرا