مستبشراً كعادة الفجار الذين لا يهمهم أمر الآخرة ولا يفكرون في العواقب. ولم يكن كئيباً حزيناً متفكراً كعادة الصلحاء والمتقين وحكاية الله عنهم ﴿ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِى أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ﴾ ( الطور : ٢٦ ) ﴿ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ ﴾ لن يرجع إلى الله تعالى تكذيباً بالمعاد. يقال : لا يحور ولا يحول، أي : لا يرجع ولا يتغير. قال لبيد :% ( يَحُورُ رَمَاداً بَعْدَ إذْ هُوَ سَاطِعُ ;
وعن ابن عباس : ما كنت أدري ما معنى يحور حتى سمعت أعرابية تقول لبنية لها : حورى، أي : أرجعي ﴿ بَلَى ﴾ إيجاب لما بعد النفي في ﴿ لَّن يَحُورَ ﴾ أي : بلى ليحورنّ ﴿ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً ﴾ وبأعماله لا ينساها ولا تخفى عليه، فلا بدّ أن يرجعه ويجازيه عليها. وقيل : نزلت الآيتان في أبي سلمة بن عبد الأشدّ وأخيه الأسود بن عبد الأشد.
! ٧ < ﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَالَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ ﴾ > ٧ !
< < الإنشقاق :( ١٦ ) فلا أقسم بالشفق > > الشفق : الحمرة التي ترى في المغرب بعد سقوط الشمس، وبسقوطه يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العتمة عند عامة العلماء، إلا ما يروي عن أبي حنيفة رضي الله عنه في إحدى الروايتين : أنه البياض. وروى أسد بن عمرو : أنه رجع عنه، سمى لرقته. ومنه الشفقة على الإنسان : رقة القلب عليه ﴿ وَمَا وَسَقَ ﴾ وما جمع وضم، يقال : وسقه فاتسق واستوسق. قال :% ( مُسْتَوْسِقَاتٌ لَوْ يَجِدْنَ سَائِقَا ;
ونظيره في وقوع افتعل واستفعل مطاوعين : اتسع واستوسع. ومعناه : وما جمعه وستره وآوى إليه من الدواب وغيرها ﴿ إِذَا اتَّسَقَ ﴾ إذا اجتمع واستوى ليلة أربع عشرة. قرىء :( لنركبن ) على خطاب الإنسان في ﴿ الْقُرْءانَ خَلَقَ الإِنسَانَ ﴾ ولنركبن، بالضم على خطاب الجنس، لأن النداء للنجنس ؛ ولتركبن بالكسر على خطاب النفس، وليركبن بالياء على : ليركبن الإنسان. والطبق : ما طابق غيره. يقال : ما هذا بطبق لذا، أي : لا يطابقه. ومنه قيل للغطاء الطبق. وإطباق الثرى : ما تطابق منه، ثم قيل للحال المطابقة لغيرها : طبق.

__________


الصفحة التالية
Icon