الإجابة
الجواب :
الحمد لله
أولا :
تقدم في جواب السؤال رقم : (1259) ذكر
سبب نزول سورة " الكافرون " وهو أن كفار قريش عرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم
أن يعبدوا الله سبحانه وتعالى ويقبلوا ما جاء به ، بشرط أن يشاركهم في عبادة آلهتهم
الباطلة ، فنزلت هذه السورة للبراءة من الشرك وأهله .
ثانيا :
أما سبب نزول سورة (قل هو الله أحد ) فقد روى الترمذي (3364) ، وأحمد (21219) ،
والحاكم (3987) ، والبيهقي في "الشعب" (100) ، وابن خزيمة في "التوحيد" (1/95) ،
وأبو الشيخ في "العظمة" (88) من طريق أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ ، عَنْ الرَّبِيعِ
بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : " أَنَّ
المُشْرِكِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ
الصَّمَدُ) "
وهذا إسناد ضعيف ، أبو جعفر الرازي - واسمه عيسى بن أبي عيسى ماهان - ضعيف الحديث ،
قال أحمد والنسائي: ليس بالقوى . وقال ابن المدينى: ثقة كان يخلط .
"ميزان الاعتدال" (3 /320) .
وفيه علة أخرى ، وهي الإرسال ، فقد رواه الترمذي عقب هذه الرواية (3365) من طريق
عُبَيْد اللَّهِ بْن مُوسَى، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ،
عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، به مرسلا ، وقال الترمذي : " وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ
أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَهَذَا أَصَحُّ".
لكن لهذا الحديث شواهد :
- فرواه الطبراني في "الأوسط" (5687) ، والطبري في "تفسيره" (24/ 687) ، والبيهقي
في "الشعب" (2319) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/335) من طريق إِسْمَاعِيل بْن
مُجَالِدٍ ، عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: " قَالُوا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ ، انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ، فَنَزَلَتْ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ
أَحَدٌ) "
وإسناده ضعيف ، مجالد ، هو ابن سعيد ، ضعفه أحمد والنسائي والدارقطني وغيرهم ، انظر
: "الميزان" (3/438) .
وقال عنه الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص109) : " صدوق يخطىء "
- ورواه الهروي في "ذم الكلام" (4/ 106) من طريق مُحَمَّد بْن حَمْزَةَ بْنِ
يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ حَدَّثَنِي أَهْلُ بَيْتِي عَنْ جَدِّي
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ به نحوه ، وهذا ضعيف أيضا ؛ لجهالة من رواه عن عبد
الله بن سلام رضي الله عنه . انظر : "التاريخ الكبير" للبخاري (1/ 59) .
- ورواه أبو الشيخ في "العظمة" (89) ، والهروي في "ذم الكلام" (4/111) من طريق
قَيْس بن الربيع ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، قَالَ: " قَالَتْ قُرَيْشٌ
لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْسبْ لَنَا رَبَّكَ، فَأَنْزَلَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هذه السورة " .
وهذا مرسل ، وقيس بن الربيع ضعيف ، ضعفه وكيع وابن معين وابن المديني وغيرهم ، انظر
"التهذيب" (8/351) .
- وقد روي من طرق مرسلا ، قال ابن كثير في "تفسيره" (8/ 489):
" أَرْسَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ " انتهى .
وقال البغوي في "تفسيره" (5/ 329):
" وقال الضحاك وقتادة ومقاتل: جاء ناس من أحبار اليهود إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فقالوا: صف لنا ربك يا محمد لعلنا نؤمن بك ، فإن الله أنزل نعته في التوراة ،
فأخبرنا من أي شيء هو ؟ وهل يأكل ويشرب ؟ فأنزل الله هذه السورة " .
وكذا أرسله محمد بن عمرو ، كما رواه أبو الحسن السكري في "مشيخته" (104)
- وأخرج البيهقي في "الأسماء والصفات" (2/ 38) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، " َنَّ
الْيَهُودَ، جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنْهُمْ كَعْبُ
بْنُ الْأَشْرَفِ وَحُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، صِفْ لَنَا
رَبَّكَ الَّذِي بَعَثَكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هذه السورة ".
حسنه الحافظ في "الفتح" (13/ 356)
ولأجل تعدد طرقه ، وكثرة
مخارجه : حسنه الحافظ ابن حجر - كما تقدم - وكذا حسنه السيوطي في "الدر المنثور"
(8/669) ، وكذا الألباني في "صحيح الترمذي". وهو حديث مشهور متداول في كتب أئمة
السنة ، ويورده شيخ الإسلام ابن تيمية كثيرا .
والله تعالى أعلم .