الإجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الآية المذكورة مدنية، وقد نزلت في تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة –حرسها الله - وكان ذلك في نصف شهر رجب، من السنة الثانية للهجرة على الصحيح، كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وَكَانَ التَّحْوِيلُ فِي نِصْفِ شَهْرِ رَجَبٍ، مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ، وَبِهِ جَزَمَ الْجُمْهُور، وَرَوَاهُ الْحَاكِم بِسَنَد صَحِيح عَن ابن عَبَّاس. اهـ.
وفي صحيح البخاري: بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ...عن البراء بن عازب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى، أَوَّلَ صَلاَةٍ صَلَّاهَا، صَلاَةَ العَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ» فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ المَسْجِدِ وَهُمْ رَاكِعُونَ، قَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ، لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ البَيْتِ.
وفي لباب النقول في أسباب النزول للسيوطي: ..كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس، ويكثر النظر إلى السماء ينظر أمر الله، فأنزل الله: قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها، فول وجهك شطر المسجد الحرام، فقال رجل من المسلمين: وددنا لو علمنا علم من مات منا قبل أن نصرف إلى القبلة، وكيف بصلاتنا قبل بيت المقدس؟ فأنزل الله: وما كان الله ليضع إيمانكم، وقال السفهاء من الناس -اليهود- ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها. فأنزل الله: سيقول السفهاء من الناس.. إلى آخر الآية.
وعلى ذلك فسبب نزول الآية هو تحويل القبلة في نصف شهر رجب، من السنة الثانية للهجرة.
والله أعلم.