الإجابة
الحمد لله
فقد صدقت في وصفك هذا القول الذي زعم صاحبه أن القرآن متعارض أنه فساد تصور ، وهو
إما أن يكون لسوء فهم صاحبه أو لعناده ، فيبحث عن شبه يهز بها إيمان بعض المسلمين
الذين يجهلون دينهم ، ولذا فإن النصح مبذول لجميع إخواننا المسلمين : أن لا يتصدى
أحد منهم لمناقشة المبطلين قبل أن يتسلح بسلاح العلم الذي يدفع به شبههم ، وليترك
هذا الأمر لأهله من العلماء الراسخين ، وطلبة العلم المتقنين فربما وردت شبهة على
القلب الفارغ فأثرت فيه أعظم الأثر والسلامة لا يعد لها شيء .
وأما عن خصوص هذه المسألة فإنه لا تعارض بين الآيتين والحمد لله ، وقد أجاب عنها
علماء التفسير قديما إذ قال الرازي في تفسيره عند تفسير آية آل عمران : (المراد
بالملائكة ههنا جبريل وحده وهذا كقوله سبحانه : (ينزل الملائكة بالروح من أمره على
من يشاء من عباده ) يعني جبريل ) اهـ.
وهذا ليس غريبا على لغة العرب أن يطلق الجمع ويراد به واحد ، وأمثلة هذا كثيرة في
القرآن كقوله سبحانه : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ
جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ
وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) آل عمران (173)
والمقصود بـ ( الناس ) الأولى : نعيم بن مسعود ، والناس الثانية المقصود به: أبو
سفيان وأصحابه وليس المقصود جميع الناس .
قال الإمام ابن عطية في تفسيره المحرر الوجيز : ( وعبر عن جبريل بالملائكة إذ هو
منهم فذكر اسم الجنس كما قال تعالى : (الذين قال لهم الناس )
اهـ
.
والله أعلم .