الإجابة
الحمد لله
كتابة الآيات القرآنية على وفق القواعد الإملائية الحديثة ، وعلى غير الرسم
العثماني له وجهان :
الأول : أن يكون ذلك بكتابة القرآن كله في مصحف .
والثاني : أن تكتب بعض الآيات في الكتب ، والمنتديات ، والمقالات .
وإذا أمكن التساهل في الأمر الثاني ، وسمحنا بكتابة الآية والآيتين في كتب العلم ،
حسب قواعد الإملاء الحديثة ، فإن الأمر الأول وهو كتابة المصحف كله لا يسمح بها ،
ولا يُتهاون فيها ، وذلك لقطع الطريق على العابثين الذين يمكن أن يجمعوا القرآن على
هيئات مختلفة من الكتابة – غير الرسم العثماني – فيطول الزمان على الناس فيرون
خلافاً بين نسخ المصاحف في العالم .
ومن هنا جاء قرار المجمع الفقهي في مكة المكرمة مؤيداً لما وصل إليه قرار كبار
العلماء في المملكة العربية السعودية من منع كتابة المصاحف بغير الرسم العثماني .
ونص قرار المجمع الفقهي :
" .... فإن " مجلس المجمع الفقهي الإسلامي " قد أطلع على خطاب الشيخ هاشم وهبة عبد
العال من جدة الذي ذكر فيه موضوع " تغيير رسم المصحف العثماني إلى الرسم الإملائي "
، وبعد مناقشة هذه الموضوع من قبل المجلس ، واستعراض قرار " هيئة كبار العلماء "
بالرياض رقم ( 71 ) ، وتاريخ 21 / 10 / 1399هـ ، الصادر في هذا الشأن ، وما جاء فيه
من ذكر الأسباب المقتضية بقاء كتابة المصحف بالرسم العثماني وهي :
1. ثبت أن كتابة المصحف بالرسم العثماني كانت في عهد عثمان رضي الله عنه ، وأنه أمر
كتبة المصحف أن يكتبوه على رسم معين ، ووافقه الصحابة ، وتابعهم التابعون ، ومن
بعدهم إلى عصرنا هذا ، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( عليكم بسنتي وسنة
الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ) ، فالمحافظة على كتابة المصحف بهذا الرسم : هو
المتعين ؛ اقتداء بعثمان ، وعلي ، وسائر الصحابة ، وعملاً بإجماعهم .
2. أن العدول عن الرسم العثماني إلى الرسم الإملائي الموجود حاليّاً بقصد تسهيل
القراءة : يفضي إلى تغيير آخر إذا تغير الاصطلاح في الكتابة ؛ لأن الرسم الإملائي
نوع من الاصطلاح ، قابل للتغير باصطلاح آخر ، وقد يؤدي ذلك إلى تحريف القرآن ،
بتبديل بعض الحروف ، أو زيادتها ، أو نقصها ، فيقع الاختلاف بين المصاحف على مر
السنين ، ويجد أعداء الإسلام مجالاً للطعن في القرآن الكريم ، وقد جاء الإسلام بسد
ذرائع الشر ومنع أسباب الفتن .
3. ما يخشى من أنه إذا لم يلتزم الرسم العثماني في كتابة القرآن أن يصير كتاب الله
ألعوبة بأيدي الناس ، كلما عنت لإنسان فكرة في كتابته اقترح تطبيقها ، فيقترح بعضهم
كتابته باللاتينية ، أو غيرها ، وفي هذا ما فيه من الخطر ، ودرء المفاسد أولى من
جلب المصالح وبعد اطلاع " مجلس المجمع الفقهي الإسلامي " على ذلك كله قرر بالإجماع
تأييد ما جاء في قرار " مجلس هيئة كبار العلماء " في المملكة العربية السعودية من
عدم جواز تغيير رسم المصحف العثماني ، ووجوب بقاء رسم المصحف العثماني على ما هو
عليه ، ليكون حجة خالدة على عدم تسرب أي تغيير ، أو تحريف في النص القرآني ،
واتباعاً لما كان عليه الصحابة وأئمة السلف رضوان الله عليهم أجمعين .
أما الحاجة إلى تعليم القرآن وتسهيل قراءته على الناشئة التي اعتادت الرسم الإملائي
الدارج : فإنها تتحقق عن طريق تلقين المعلمين ، إذ لا يستغني تعليم القرآن في جميع
الأحوال عن معلم ، فهو يتولى تعليم الناشئين قراءة الكلمات التي يختلف رسمها في
قواعد الإملاء الدارجة ، ولا سيما إذا لوحظ أن تلك الكلمات عددها قليل ، وتكرار
ورودها في القرآن كثير ككلمة ( الصلوة ) و ( السموات ) ، ونحوهما ، فمتى تعلَّم
الناشئ الكلمة بالرسم العثماني : سهل عليه قراءتها كلما تكررت في المصحف ، كما يجري
مثل ذلك تماماً في رسم كلمة ( هذا ) و ( ذلك ) في قواعد الإملاء الدارجة أيضاً .
رئيس مجلس المجمع الفقهي : الشيخ عبد العزيز بن باز .
نائب الرئيس : د . عبد الله عمر نصيف .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 34 ، 35 ) .
وعليه نقول :
لا وجه لإجازة كتابة الآيات بالطريقة الواردة في السؤال لسببين :
الأول : أنه لا يوجد قول بإباحة كتابة القرآن بأي كيفية ، والوارد في كلام أهل
العلم : الرسم العثماني ، والرسم الإملائي ، وليست هذه الطريقة من أي منهما .
والثاني : أن في هذه الطريقة مشابهة لكتابات السحرة ، حيث يكتبون الآيات بتقطيع
حروفها ، وتبديل أماكنها .
لذا فلا نرى جواز كتابة الآيات القرآنية بطريقة تقطيع الحروف ، ونرى الاكتفاء
بالرسم العثماني لكتابة مصحف كامل ، أو على الطريقة الحديثة بحسب قواعد الإملاء إذا
أردت كتابة آيات في كتاب أو مقال . وإن كان الأفضل – في هذه الحال أيضاً – أن تنسخ
من المصحف برسمه العثماني .
والله أعلم