الإجابة
الحمد لله
لا يظهر أي حرج في وضعه سلكاً مكان كعب المصحف ليسهل عليه تقليب أوراق المصحف
ويمنعها من الرجوع ، وتعظيم كتاب الله تعالى واجب في أوراقه وجلده ، لكن دون مبالغة
أو غلو ، فقد قال بعض العلماء باستحباب القيام للقرآن تعظيماً له ، وهذا من
المبالغة المخالفة للشرع ، وأعظم تعظيم لكتاب الله تعالى : قراءته ، والعمل به .
وقد أفتى بعض التابعين بجواز مس القرآن بِعِلاقة ، وذلك لمن كان محدثا حدثاً أصغر
أو أكبر ، وهذا أولى بالجواز لو كان ممنوعاً منه .
قال البخاري – رحمه الله - :
بَاب قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حَجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ وَكَانَ أَبُو
وَائِلٍ يُرْسِلُ خَادِمَهُ وَهِيَ حَائِضٌ إِلَى أَبِي رَزِينٍ فَتَأْتِيهِ
بِالْمُصْحَفِ فَتُمْسِكُهُ بِعِلَاقَتِهِ .
" صحيح البخاري " ( 1 / 114 ) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
قوله : ( وكان أبو وائل ) هو التابعي المشهور صاحب ابن مسعود , وأثره هذا وصله ابن
أبي شيبة عنه بإسناد صحيح .
قوله : ( بعلاقته ) بكسر العين , أي : الخيط الذي يربط به كيسه , وذلك مصير منهما
إلى جواز حمل الحائض المصحف لكن من غير مسه .
" فتح الباري " ( 1 / 402 ) .
وقال ابن المنذر – رحمه الله - :
قال الحكم وحماد في الرجل يمسّ المصحف وليس بطاهر ، قالا : إذا كان في عِلاقة : فلا
بأس .
" الأوسط " ( 2 / 101 ) .
وهذا التجويز من هؤلاء الأئمة – ووافقهم عليه الحنفية والحنابلة – بسبب أنهم يرون
أن الماسَّ للمصحف بعِلاقته لا يعدُّ ماسّاً لذات المصحف ، وهم يمنعون من مسه لغير
الطاهر .
وأفتى بعض العلماء بجواز تقليب أوراق المصحف بعُودٍ ونحوه ، وذلك لمن أراد أن يقرأ
القرآن وهو محدث ، حتى لا يمسه بيده ، وهو قول الجمهور خلافاً للمالكية .
ففي " الموسوعة الفقهية " ( 38 / 7 ) :
ولو قلّب غير المتطهّر أوراق المصحف بعُودٍ في يده : جاز عند كلٍّ من الحنفيّة
والحنابلة , ولم يجز عند المالكيّة على الرّاجح , وعند الشّافعيّة صحّح النّووي
جواز ذلك ؛ لأنّه ليس بمسّ ولا حملٍ , قال : وبه قطع العراقيون من أصحاب الشّافعيّ
.
انتهى
وهذا الأخ المعاق فعله أولى بالجواز لو قيل بالمنع أصلاً ، والصحيح أنه لا يمنع ؛
لقيام العذر به ، وهو الإعاقة التي تمنعه من التحكم بتقليب أوراق المصحف ، وعدم
رجوعها ، وعدم مخالفة فعله للتعظيم المشروع لكتاب الله تعالى ، بل إن حرصه على
تلاوة كتاب الله تعالى وتعلمه ، بحسب الطاقة ، هو من تعظيم كتاب الله تعالى وإكرامه
.
ونسأل الله تعالى أن يمنَّ عليه بالشفاء العاجل ، وأن يرفع درجته ، وأن ييسر له حفظ
القرآن والعمل به .
والله أعلم