الإجابة
الحمد لله
أولًا:
القرآن الكريم أنزله الله لهداية الناس، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، ولما نزل القرآن الكريم فهمه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، بأنفسهم، أو ببيان الرسول لهم .
ولم يأت شيء في القرآن لم يكن واضحًا أو غير مفهوم عند الصحابة رضوان الله عليهم .
وقصارى الأمر: أن يُكتشف ما دل القرآن عليه، بشرط أن يوافق اللغة، وألا يكون مناقضًا لتفسير السلف، مع شروط أخرى لا بد أن تتوفر في القائم بتفسير القرآن بالتفسير العلمي، أو بالمكتشفات التجريبية بمعنى أدق .
ثانيًا:
إن كثيرًا من الخلل : إنما دخل على أصحاب التفسير العلمي بسبب جهلهم بالتفسير تارة، وباللغة تارة أخرى، وبطريقة حمل المكتشف أو القضية العلمية على الآية، إلى غير ذلك من الأسباب، وعليه؛ فلا يصح التسليم بكل ما جاء في أقوال المنشغلين بشأن الإعجاز العلمي، بل في بعض أقوالهم وبحوثهم ما هو حق نافع ، وفيها ما هو باطل ، أو متكلف، يتعذر حمل النص القرآني عليه إلا بكثير من الاعتساف .
وهو ، في أحواله كلها : جهد ، واجتهاد بشري : يخضع للخطأ والصواب ، كغيره من ألوان العلوم والانشغالات .
ثالثًا:
في الآية الكريمة أن الجن بمعزل عن استماع القرآن حال نزوله؛ لأن السماء ملئت حرسا شديدا وشهبا في مدة إنزال القرآن على رسوله، فلم يخلص أحد من الشياطين إلى استماع حرف واحد منه، لئلا يشتبه الأمر. وهذا من رحمة الله بعباده، وحفظه لشرعه، وتأييده لكتابه ولرسوله؛ ولهذا قال: ( إنهم عن السمع لمعزولون) سورة الشعراء/212 ، كما قال تعالى مخبرا عن الجن: ( وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا * وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا * وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا) الجن/8-10.
ولم يرد في الكتاب والسنة عن أحوال الجن وأخبارهم ما يجعلنا نجزم بهذه الأمور التي ذكرت في السؤال .
وما ذكر من أنه كانت لهم دراسات ، أو أنه ينبغي أن يكونوا قد وصلوا إلى ذلك ، من علومهم ... هو مجرد وهم ، وخيال ، أراد صاحبه أن يعود بعلوم الإنس في زمانهم ذلك ، إلى أحوال الجن ، وعلومهم منذ كانوا !!
وهذا لا خبر عندنا يدل عليه ، ولا شيء من التاريخ يصدقه ... إلا التخيل المحض ..
والجن : الغالب فيهم : الجهل ، والظلم .. وقلة المعارف ؛ إلا ما شاء الله من ذلك .
وليس إذا أقدرهم الله على أمر ، فقعدوا يستمعون زمانا ، أو يسترقون السمع = ليس ذلك مما يوجب أنه كانت لهم علوم ، ومعارف ، ودراسات ... فهيهات ؛ هيهات !!
ولا يصح لنا أن نجزم بثبوت ذلك ولا نفيه، بل علينا أن نتوقف في هذا الأمر إثباتًا ونفيًا، والله أعلم .
ولا تتوقف صحة النبوة – والحمد لله – على مثل هذه القضايا، فإن دلائل النبوة أكثر من أن تحصى، وراجعي هذه الإجابات: (182059)، (175339).
والله أعلم .