الإجابة
الحمد لله
أولاً :
هذه القراءة نسبها بعض المفسرين إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
انظر : " تفسير ابن أبي حاتم " (8/2642) ، " تفسير القرطبي" (12/309) ، "تفسير ابن
كثير" (6/84) .
والظاهر أنه رضي الله عنه كان يقصد بذلك تفسير الآية ، ولا يقصد أنها نزلت كذلك .
فقد كان من عادة بعض الصحابة – لاسيما عبد الله بن مسعود – أنهم يكتبون في مصاحفهم
تفسيرا لبعض الآيات ، ولا يميزونها عن الآيات ، اعتمادا منهم على أن لفظ الآية
معروف ومحفوظ .
وقد شبه السيوطي رحمه الله ذلك بـ "الإدراج" في الحديث النبوي ، فقال :
"وظهر لي سادس ( أي من أنواع القراءات ) نوع شبه من أنواع الحديث المدرج ، وهو ما
زِيد في القراءات على وجه التفسير كقراءة سعد بن أبي وقاص : "وله أخ أو أخت من أم "
أخرجها سعيد بن منصور .
وقراءة ابن عباس : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج " .
أخرجها البخاري ....
قال ابن الجزري في آخر كلامه : وربما كانوا يدخلون التفسير في القراءة ، إيضاحاً
وبياناً ، لأنهم محققون لما تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم قرآنا ، فهم آمنون
من الالتباس ، وربما كان بعضهم يكتبه معه" انتهى من " الإتقان " (1/265-266).
وقال النووي في شرح "صحيح مسلم" (6/109) :
"قال المازري : وأما ابن مَسْعُودٍ : فَرُوِيَتْ عَنْهُ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ ،
مِنْهَا مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ ، وَمَا ثَبَتَ مِنْهَا
مُخَالِفًا لِمَا قُلْنَاهُ [يعني أنه مخالف لمصحف عثمان] : فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى
أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ فِي مُصْحَفِهِ بَعْضَ الْأَحْكَامِ وَالتَّفَاسِيرِ ،
مِمَّا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْآنٍ ، وَكَانَ لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ
ذَلِكَ ، وَكَانَ يَرَاهُ كَصَحِيفَةٍ يُثْبِتُ فِيهَا مَا يَشَاءُ ، وَكَانَ
رَأْيُ عُثْمَانَ وَالْجَمَاعَةِ مَنْعَ ذَلِكَ ، لِئَلَّا يَتَطَاوَلَ الزَّمَانُ
، وَيَظُنَّ ذَلِكَ قُرْآنًا " انتهى .
ويؤيد أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقرأ الآية كذلك ، على سبيل التفسير : أنه ورد
عنه أنه كان يقرآ الآية القراءة المشهورة (أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة) ، ثم
يتبع ذلك بأن المراد وضعُ بعض الثياب وهي الجلباب ، وليس الخمار .
روى ابن أبي حاتم (15638) بإسناده , عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ : فِي قِرَاءَةِ
ابْنِ مَسْعُودٍ : " ( وَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ "
: أَنْ يَضَعْنَ الْجِلْبَابَ ، وَلا يَضَعْنَ الْخِمَارَ " .
وروى أيضا (15643) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, فِي قَوْلِهِ: ( فَلَيْسَ
عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ) : قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ : "
أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ , وَهُوَ الْجِلْبَابُ مِنْ فَوْقِ الْخِمَارِ ، فَلا
بَأْسَ أَنْ يَضَعْنَ عِنْدَ غَرِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ
عَلَيْهَا خِمَارٌ صَفِيق [هو الثوب الذي لا يصف البشرة]".
فهذا يدل على أن قراءته للآية (من ثيابهن) : هي قراءة تفسيرية .
ثانيا :
قراءة حفص هي عن عاصم بن أبي النجود عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب .
وقراءة شعبة هي عن عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود .
جاء في " جامع البيان في القراءات السبع " للداني (1/261) : " قال حفص : قال لي
عاصم : ما كان من القراءة التي أقرأتك بها ، فهي القراءة التي قرأت بها على أبي عبد
الرحمن عن عليّ بن أبي طالب .
وما كان من القراءة التي أقرأت بها أبا بكر بن عيّاش ، فهي القراءة التي كنت أعرضها
على زرّ بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود " انتهى .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (178209) .
والله أعلم .