الإجابة
لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
قيل: معنى هذه الآية كما قال القرطبي: (وما كان ربك ليهلك أهل القرى بشركهم وكفرهم وهم مصلحون فيما بينهم في تعاطي الحقوق)، أي لم يكن ليهلكم بالكفر وحده حتى يضاف إليه الفساد كما أهلك قوم شعيب لبخس الميزان والمكيال، وقوم لوط باللواط، وغيرهم ببغيهم وطغيانهم على أنبيائهم ورسلهم وفي الترمذي (2168) من حديث أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- مرفوعاً: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه".
ولكن الأقرب في معناها: ما كان ربك يا محمد ليهلك القرى التي قص عليك نبأها ظلماً وأهلها مصلحون، ولكن أهلكها لكفر أهلها بالله، وتماديهم في غيهم، وتكذيبهم رسلهم، وركوبهم السيئات.
والأمر في ذلك واسع، وكلا المعنيين وارد، فإن من سنة الله الكونية إهلاك الظالم ولو بعد حين، والمتأمل في التاريخ يجد مصداق ذلك في الدول والمجتمعات، فكم من دولة بادت واندثرت حين بغت واعتدت، وكم من أخرى مكنها الله في الأرض حين أقامت العدل.
ولا شك أن السعي في الإصلاح سبيل الصلاح، وفي المقابل فإن بقاء أي أمة على ظلمها -من طغيان وفساد بسائر أنواعه- سبيل إلى هلاكها ودمارها، كما قال تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا} [الإسراء:16]
وأما السعي بالإصلاح فلابد أن يشمل كل ما يعلمه الإنسان من منكر، فلا يجوز أن يقتصر إنكاره على أمر، دون أمر ولابد لدفع البلاء من استقامة القوم على الحق، وإلا كان العقاب واقعاً بهم لا محالة، وحين يقع العقاب ينجي الله المصلحين منهم فحسب، كما قال تعالى: {فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون} [الأعراف:165].
مختصر الإجابة
قيل: معنى هذه الآية كما قال القرطبي: (وما كان ربك ليهلك أهل القرى بشركهم وكفرهم وهم مصلحون فيما بينهم في تعاطي الحقوق)، أي لم يكن ليهلكم بالكفر وحده حتى يضاف إليه الفساد كما أهلك قوم شعيب لبخس الميزان والمكيال، وقوم لوط باللواط، وغيرهم ببغيهم وطغيانهم على أنبيائهم ورسلهم