الإجابة
القرآن الكريم هو كلام الله عز وجل، وهو أعظم كتاب، وهو خاتم الكتب المنزلة من السماء، ومن تعظيم الله له أنه قال سبحانه في شأنه: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ . فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ . لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ . تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة الواقعة الآيات 77 – 80]، وجاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه كتب إلى أهل اليمن: « »، وأفتى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. ولهذا ذهب جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة إلى أنه لا يجوز أن يمس القرآن إلا طاهر من الحدثين الأصغر والأكبر، كما أنه لا يجوز أن يقرأه الجنب مطلقاً حتى يغتسل من الجنابة، وهذا هو الصواب.
فليس لمحدث أن يقرأ القرآن من المصحف، ولكن له أن يقرأ عن ظهر قلب إذا كان حدثه أصغر، أما الجنب فليس له أن يقرأه مطلقاً حتى يغتسل؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان لا يحجزه عن القرآن إلا الجنابة، كما ثبت ذلك عن علي رضي الله عنه قال: « »، واختلف العلماء في الحائض والنفساء هل تلحقان بالجنب؟ فبعضهم - وهم الأكثر - ألحقهما بالجنب، ومنعهما من قراءة القرآن مطلقاً حتى تطهر، وجاء في هذا حديث رواه أبو داود، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن»، وقال آخرون: تجوز لهما القراءة عن ظهر قلب؛ لأنهما تطول مدتهما، وليس الأمر في أيديهما كالجنب، وهذا هو الصواب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة في حجة الوداع وهي حائض أن تفعل ما يفعله الحاج غير الطواف، ولم ينهها عن قراءة القرآن، ولأن قياس الحائض والنفساء على الجنب ليس بصحيح؛ لعظم الفرق بينهما وبينه، أما حديث ابن عمر المذكور فهو حديث ضعيف عند أهل العلم؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة – وهو حجازي- وإسماعيل روايته من غير الشاميين ضعيفة.