الإجابة
ليس هناك تعارض يا أخي; فالله جل وعلا بين لنا أن ما أصابنا هو بأسباب كسبنا، وبين أن ما يقع فهو بقضائه وقدره قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا فقد سبق علمه وقدره وكتابته لكل شيء، ولكنه سبحانه علق ما أصابنا مما يضرنا بأنه بأسباب معاصينا وإن كانت مكتوبة مقدرة، لكن لنا كسب ولنا عمل ولنا اختيار.
فكل شيء يقع بقدر سواء من الطاعات والمعاصي، فما وقع منا من معاصٍ فهو من كسبنا ومن عملنا ونحن مؤاخذون به إذا فعلناه، ولنا عقول ومشيئة وقدرة وعمل ولهذا قال سبحانه: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]، والآية الأخرى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79].
فلا تنافي بين القدر وبين العمل; فالقدر سابق ولله الحجة البالغة سبحانه وتعالى، والأعمال أعمالنا كالزنا وشرب الخمر وترك الصلاة والعقوق وقطيعة الرحم، فهي من أعمالنا ونحن نستحق عليها العقوبة بسبب تفريطنا وتقصيرنا لأن لنا اختياراً ولنا عمل ينسب إلينا، وإن كان سبق في علم الله كتابته وتقديره.
فالقدر ليس حجة على فعل المعايب والمنكرات، فالله سبحانه وتعالى له الحكمة البالغة فيما مضى به قدره وعلمه وكتابته، ونحن مسئولون عن أعمالنا وعن تقصيرنا، ومؤاخذون بذلك إلا أن يعفو ربنا عنا.
وبهذا تعلم أنه لا منافاة بين الآيتين، فإحداهما تدل على أن أعمالنا من كسبنا، وأننا نستحق عليها العقوبة إذا كانت غير صالحة، وهي أعمال لنا باختيارنا، والآية الأخرى تدل على أنه مضى في علم الله كتابتها وتقديرها، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22] فكتاب الله سابق، وعلمه سابق سبحانه وتعالى، وقدره سابق، وأعمالنا محصاة علينا، ومنسوبة إلينا، ومكتوبة علينا، وهي من كسبنا وعملنا واختيارنا، فنجزى على الطيب الجزاء الحسن، من الطاعات وأنواع الخير والذكر، ونستحق العقاب على سيئها من العقوق، والزنا، والسرقة، وسائر المعاصي والمخالفات. والله المستعان.
» (أخرجه مسلم في صحيحه). فهو سبحانه الحكيم العليم، العالم بكل شيء، الذي سبق علمه بكل شيء سبحانه وتعالى، وكتب كل شيء. وفي آية أخرى يقول سبحانه وتعالى: {