الإجابة
وسُئلَ رَحِمَهُ اللَّه عن الإمام مالك أنه قال: من كتب مصحفًا على
غير رسم المصحف العثماني فقد أثم، أو قال: كفر.
فهل هذا صحيح؟ وأكثر المصاحف اليوم على غير المصحف العثماني، فهل
يحل لأحد كتابته على غير المصحف العثماني بشرط ألا يبدل لفظًا، ولا
يغير معنى، أم لا؟
فأجاب:
أما هذا النقل عن مالك في تكفير من فعل ذلك فهو كذب على مالك، سواء
أريد به رسم الخط أو رسم اللفظ؛ فإن مالكًا كان يقول عن أهل الشوري:
إن لكل منهم مصحفًا يخالف رسم مصحف عثمان، وهم أجل من أن يقال فيهم
مثل هذا الكلام، وهم علي بن أبي طالب، والزبير، وطلحة، وسعد، وعبد
الرحمن بن عوف مع عثمان.
وأيضًا، فلو قرأ رجل بحرف من حروفهم التي تخرج عن مصحف عثماني ففيه
روايتان عن مالك وأحمد، وأكثر العلماء يحتجون بما ثبت من ذلك عنهم،
فكيف يكفر فاعل ذلك؟! وأما اتباع رسم الخط بحيث يكتبه بالكوفي فلا
يجب عند أحد من المسلمين، وكذلك اتباعه فيما كتبه بالواو والألف هو
حسن لفظ رسم خط الصحابة.
وأما تكفير من كتب ألفاظ المصحف بالخط الذي اعتاده فلا أعلم أحدًا
قال بتكفير من فعل ذلك، لكن متابعة خطهم أحسن،هكذا نقل عن مالك
وغيره،واللّه أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الثالث
عشر.