الإجابة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنلخص الكلام عن ما سألت عنه في نقاط:
1- القرآن العظيم هو كتاب نور، ورحمة، أنزله الله هداية لعباده إليه سبحانه؛ ليعرفهم به سبحانه، وبالسبيل الموصلة إلى رضوانه، وليس القرآن الكريم بالأساس كتاب تاريخ، أو جغرافيا، أو فلك، أو طب، وقد يذكر فيه شيء من ذلك للعلم، والاعتبار، أو للعمل فيما ينبني عليه عمل، ومن ذلك ما ذكر فيه من قصص الأمم السابقة وتاريخها، والأحداث الكونية، بعضها بالتفصيل والتصريح، وبعضها بالإشارة والتلويح، كل ذلك فهو حق، يجب الإيمان به، والتصديق بمضمونه، لكن الخطأ الجسيم الذي يقع فيه كثيرون هو تكلف التنقير عما يُزعم أنه دلالات قرآنية في قضايا التاريخ، أو غيرها؛ بدعوى الإعجاز العلمي، أو السبق القرآني، أو نحو ذلك من الدعاوى العريضة التي يتبناها بعض المعاصرين بحسن نية أحيانًا.
2- لا مانع من الاستدلال بالقرآن العظيم على الأمور التاريخية التي أشرت لها، لكن لا بد من أن يكون التفسير منضبطًا بضوابط التفسير المعروفة، لا بالخواطر، والآراء المجردة، وقد سبق أن فصلنا القول حول ضوابط قبول التفاسير المعاصرة، فانظرها في الفتوى: 401704.
وتجب مراعاة مراتب الأقوال في التفسير، فما كان تفسيرًا مظنونًا محتملًا، لا يصح عرضه على أنه قول قطعي مجزوم به.
وما كان تفسيرا إشاريًّا، لا يصح عرضه على أنه تفسير بصريح المعنى، وهكذا.
3- إن الكلام في معاني القرآن العظيم، وتفسير آياته، مقام عظيم، وليس كلأً مباحًا لكل أحد، فينبغي العلم بخطر شأن الكلام في القرآن الكريم بلا علم، وأن من قال في القرآن برأيه المجرد، فهو خاطئ آثم، وراجع في هذا الفتويين: 339970، 319894.
وراجع أيضًا حول قضية الإعجاز العلمي الفتوى: 375538، وراجع للفائدة الفتوى: 60664.
والله أعلم.