الإجابة
إن الله سبحانه وتعالى أنزل علينا في القرآن ما يخوفنا به من آياته،
وهذا التخويف لا بد أن نخافه، فمن قرئ عليه القرآن فلم يخف فهو ميت
القلب، إن الآيات التي ينزلها الله أو يرسلها في الكون ما أنزلها ولا
أرسلها إلا تخويفاً لعباده، و الله تعالى يقول: {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا
الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}.
فلذلك علينا أن نخاف مكر الله، وأن لا نأمن مكره، وإذا سمعنا تخويف
الله لعباده علينا أن نخافه، فهذا نبي الله صلى الله عليه وسلم
المعصوم الذي أخبره الله أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كان إذا
رأى المطر خاف خوفاً شديداً فلم يزل يدخل ويخرج حتى ينزل المطر، قالت
عائشة: فكلمته في ذلك، فقال: " "، فهو يخاف مكر الله، ويخاف عذابه وهو رسول
الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان كذلك فكيف لا نخاف نحن إذا خوفنا؟
كيف لا نخاف مكر الله وهو يخاطبنا بآياته الشديدة ويخوفنا عذابه
العظيم وأخذه الوبيل؟ إن من لم يخف ذلك ميت القلب، إنَّ ما يقصه الله
علينا من الوعيد للمشركين هو وعيد ليس على أساس أنسابهم وأشخاصهم، بل
هو وعيد على أساس صفاتهم، فكل من حقق صفة من صفات المشركين أو من صفات
المنافقين فهو متوعد بذلك الوعد.
فالذي يقول هذه الآية جاءت في المشركين وفيها مثلاً التوعد على الكذب
يقال له: هل تكذب أم لا تكذب؟ إذا كنت تكذب فاحذر أن تقع عليك هذه
الآية، فإن الآية ليست إلا وعيداً في الكذب ممن صدر، وكذلك آيات الربا
وغيرها من آيات المحرمات كلها إنما أنزلت في حق المتصفين بهذه الصفات
فكل من اتصف بصفة من هذه الصفات فهو متوعد بذلك الوعيد سواء كان
مؤمناً أو مشركاً، فالوعيد تعلق بصفة محددة، فمن حقق تلك الصفة حقت
عليه تلك الآية، نسأل الله السلامة والعافية.
وعلى هذا فالذين يضيقون ذرعاً بالاستدلال بالآيات ويقولون هذه إنما
أنزلت في المنافقين، هذه إنما أنزلت في المشركين، يقال لهم: هذه لم
تنزل في حق أشخاص بأعيانهم، وإنما أنزلت في حق صفات، فمن اتصف بتلك
الصفات حقت عليه مطلقاً، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " "، وقال: " "، فهذه الأربع من كنَّ فيه سواء كان مؤمناً أو
كافراً فقد اتصف بصفات المنافقين التي جاء الوعيد عليها مطلقاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.