الفتاوى

قال الله تعالى: إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْـزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ...
قال الله تعالى: إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْـزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ اشرحوا هذه الآية الكريمة ولا سيما كلمة الدم، هل كان الناس يأكلون الدم قبل نزول هذه الآية؟

الإجابة

نعم، كانت العرب تأكل الدم وتشرب الدم، إذا احتاجوا فصَدُوا الإبل وشربوا الدماء، والله نهاهم عن هذا إذا كان مسفوحاً، وهو الذي يصب من العروق وغير العروق، أما الدم الجامد كالكبد فهذا لا بأس به ، إذا أكل الإنسان الكبد لأنها ليست دماً مسفوحاً، ولا حرج في ذلك، وكانوا في الجاهلية يأكلون الدم، ويفصدون الحيوانات ويشربون من دمائها، فحرم الله عليهم ذلك وبيَّن سبحانه في الآيات الأخرى، أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا يعني مراقاً، فهذا هو وجه تحريم الدم المراق ، لأنه من (الجزء رقم : 27، الصفحة رقم: 23) سنة الجاهلية، ولأن في ذلك ضررًا على شاربه، والميتة معروفة ولحم الخنزير معروف، وما أهل لغير الله هو الذي يذبح لغير الله، كالذبيحة تذبح للجن أو الأصنام أو للكواكب، هذه الذبيحة محرمة؛ لأنها ذبحت لغير الله، فمن اضطرَّ إلى الميتة أو غيرها، فله الأكل من ذلك، غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ ، غير ظالم ولا باغ على إخوانه المسلمين، الباغي والعادي فُسِّر بأنواع: منها البغاة يخرجون على السلطان، فهم ظالمون بذلك، ومنها المتَعدي الذي يتعدى بأكله من الميتة بغير ضرورة ولا حاجة، فلا يسمى مضطرًا، وبعض أهل العلم ذكر في ذلك أمرًا آخر، وهو أن يسافر سفرًا يعتبر معصية ويعتبر متعديًا أيضًا، وليس له رخصة ولكن الأقرب والله أعلم أنه مقيّد بأن يكون أكله غير باغ ولا عاد، إنما للضرورة يعني لا يجد شيئًا، أمّا إذا تعدى بأن أكل بغير ضرورة، أو تعاطى من الميتة بغير ضرورة ، فيسمى باغيًا ويسمى عاديًا متعديًا لحدود الله عز وجل، أمّا إذا اضطر إلى ذلك بسبب سفر معصية أو شبه ذلك مما يوقعه في الحاجة والضرورة للميتة فهو داخل في الآية الكريمة؛ لأن الآية مجملة: غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فالباغي هو الذي يتعدَّى الحدود، ويبغي على الناس، والعادي الذي كذلك يتعدى على الناس وبكونه يأكل بغير ضرورة أو يبغي على الناس ويتعدى عليهم بدون حق، بدون سبب شرعي، فهذا هو الذي يمتنع عليه هذه الأشياء، وإنما يكون مضطرًا، إذا كان لا يجد شيئًا حتى يخاف على نفسه فيأكل من الميتة أو من الخنزير، أو ما أهل به لغير الله، أو من الدم للضرورة التي وقع فيها .

Icon