الإجابة
ذكر الله تعالى هذه الآيات بعد قوله : هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ استدلالا على البعث يوم القيامة وتقريرا لقدرة الله سبحانه على إحيائه الخلق بعد موتهم للحساب والجزاء ، فإن من قدر على خلق الإبل على هذه الهيئة العجيبة ، وخلق السماء ورفعها بلا أعمدة نراها ، وخلق الجبال في الأرض تثبيتا لها ونصبها عليها كأنها أوتاد حتى لا تميد بمن عليها من الموجودات ، وخلق الأرض وتمهيدها حتى تصلح لحياة الخلق فوقها ، إن من قدر على ذلك لقادر على أن يحيي الناس وغيرهم من ذوات الأرواح . وإنما قدم الإبل على غيرها من المذكورات ، لأنها بأيديهم مسخرة لهم يصرفونها كيف شاءوا فيركبونها ، ويحملون عليها أثقالهم إلى بلاد بعيدة لم يكونوا بالغيها إلا بشق الأنفس ، ويقطعون بها الفيافي والصحاري مع يسير مؤنتها وصبرها على الجوع والعطش ومع سهولة قيادها للكبير والصغير ، ومع بروكها ونهوضها ليتمكن الناس من ركوبها وتحميلها كيف شاءوا إلى غير ذلك من المنافع الكثيرة التي يجنونها من اقتنائها من غير مشقة ولا عناء ، وقد خصها الله ببديع تركيب في عظامها يساعدها على حمل الأثقال ، وبطول عنق يساعد على نهوضها بثقيل أحمالها ، كما يساعدها في سيرها ، وخصها بأخفاف تساعد على سيرها فيما لا يقوى على السير فيه ذوات الحوافر والأظلاف من الحيوانات ، وما يخفى من عجائبها عن الناس كثير فسبحان من ميزها على ما سواها من الحيوان وسخرها مع عظيم خلقها ومزيد قوتها لعباده ، وذللها لهم رحمة بهم وإعانة لهم على مصالحهم . وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .