الفتاوى

ما معنى قوله تعالى: وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وأيضاً ما معنى قوله تعالى: ...
ما معنى قوله تعالى: وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وأيضاً ما معنى قوله تعالى: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ؟

الإجابة

ليس في هذا إشكال، فالله سبحانه هو الحكيم العليم، ولو شاء لجمع الناس على الهدى، كما قال جل وعلا : وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ وقال سبحانه: وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ فالله سبحانه لو شاء لهداهم أجمعين جل وعلا ، ولكن له الحكمة البالغة، والحجّة الدامغة في إدخال من عصاه وخالف أمره وأشرك به سبحانه النار، لظلمه نفسه وتعديه حدود ربه، ومخالفته ما جاءت به الرسل، وله الحكمة البالغة والفضل الواسع، على أوليائه وأهل طاعته في إدخالهم الجنة وإنجائهم من النار؛ لأنهم أطاعوا أمره واتّبعوا شريعته، ووقفوا عند حدوده فجزاهم سبحانه أحسن الجزاء، هو جل وعلا قد خلقهم ليرحمهم، خلقهم لإدخالهم الجنة وإنجائهم من النار، إذا قاموا بحقه واستقاموا على دينه، فإذا خرجوا عن طاعته، وخرجوا عمّا أمرهم به، فقد توعّدهم بالنار، جزاء وفاقاً لأعمالهم القبيحة، وخروجهم عن طاعة ربّهم سبحانه وتعالى، واتباعهم لأهوائهم، قال جل وعلا : فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى قال سبحانه: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى فهم مؤاخذون بأعمالهم القبيحة، من كفر ونفاق ومعاص، كما أن أهل الجنة مجزيّون بأعمالهم الطيبة، وطاعتهم لربهم وإحسانهم في خدمته، سبحانه، جازاهم جلّ وعلا، بكرامته وإدخالهم جنته، ونظرهم إلى وجهه الكريم يوم القيامة، وهم في دار النعيم، فضلاً منه وإحساناً، هذا فضله جلّ وعلا ولهذا قال جل وعلا: وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ فالمرحومون هم أهل السعادة والنجاة، وهم الذين خلقوا ليرحمهم الله سبحانه وتعالى بتوفيقه وهدايته جلّ وعلا ، وأولئك حُرموا هذه الرحمة، وحرموا هذا الخير، بأعمالهم القبيحة وابتعادهم عن طاعته، وإيثارهم أهواءهم، فلما فعلوا ذلك استحقوا نقمته وغضبه سبحانه وتعالى، والاختلاف واقع ومكتوب عليهم، بسبب ما يقدّمونه من أعمال سيئة وبسبب اتّباعهم لأهوائهم، وشهواتهم وإيثارها على الحق، وقع الاختلاف، فمن رحمه الله سلم من ذلك، واتّبع الحق، ومن لم يوفق لرحمة الله ولم يهد لسبيل الهدى بقي في ضلاله وعماه واختلافه، نسأل الله العافية وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ بل يجازيهم بأعمالهم فمن عمل الصالحات وتابع المصطفى عليه الصلاة والسلام ، وتابع من قبله من الرسل، رزقوا من ربهم فضله وإحسانه، وفازوا بجنّته وكرامته، ومن تابع الهوى وعصى الرسل، وآثر الدنيا على الآخرة، باء بالخيبة والندامة واستحق العقاب، من ربه سبحانه وتعالى على عمله الخبيث وعلى انحرافه عن طاعة مولاه سبحانه وتعالى .

Icon