الفتاوى

يقول السائل: ما معنى قوله تعالى: أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وما هي الأسباب التي...
يقول السائل: ما معنى قوله تعالى: أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وما هي الأسباب التي فرقت المسلمين إلى عدة مذاهب، أفيدونا عن ذلك جزاكم الله خيراً؟

الإجابة

الله جل وعلا يأمر نبيّه محمداً أن يتّبع ملة إبراهيم بالإخلاص لله وتوحيده وتعظيم أمره ونهيه، والإعراض عن المشركين، وهكذا الأمة مأمورة بذلك كلها، مأمورة بأن تعبد الله وحده: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ إلى أمثال هذه الآيات والله عز وجل خلق الخلق ليعبد وحده لا شريك له ، وأمرهم بذلك وأرسل الرسل عليهم الصلاة والسلام لدعوة الناس إلى توحيد الله والإخلاص له فالواجب على جميع أهل الأرض من جنٍّ وإنس وعرب وعجم وأغنياء وفقراء وذكور وإناث، عليهم جميعاً، أن يعبدوا الله وحده ويخصوه بدعائهم وخوفهم ورجائهم وصلاتهم وصومهم وصدقاتهم وسائر عباداتهم وهو المستحق لها سبحانه وتعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ولا يجوز لهم أن يعبدوا معه إلهاً آخر لا ملكاً مقرباً ولا نبيّاً مرسلاً ولا يجوز أن يعبدوا أصحاب القبور ويستغيثوا بهم أو يطلبوا المدد منهم أو ينذروا لهم أو يذبحوا لهم ولا يعبدوا الأصنام ولا الأحجار ولا الأشجار ولا الكواكب، لا، هذا كله باطل وكله شرك بالله عز وجل، الواجب على جميع الثقلين أن يعبدوا الله وحده ويخصّوه سبحانه بجميع العبادات، من خوف ورجاء وصوم وصلاة وصدقة وذبح وغير ذلك، وعلى الأمة جميعاً، أن تتفقه في هذا وأن تعتني في هذا الأمر ومن أهم الأمور العناية بالقرآن العظيم فإنه كتاب الله فيه الهدى والنور يوضّح هذا الأمر ويبين أن العبادة حق لله وحده، فعلى جميع المسلمين أن يعنوا بكتاب الله، وأن يتدبروه ويتعقلوه، وهكذا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، جاءت ببيان هذا الأمر وأن العبادة حق لله وحده، فعلى أهل الإسلام أن يعظموا الله وحده دون كل ما سواه وأن يبلّغوا الناس ذلك وعلى علمائهم بالأخص أن يبلّغوا الجهلة ما خفي عليهم ويعلموهم ويرشدوهم حتى يستقيموا على دين الله وحتى يعبدوا الله وحده، وعليهم أن يبلغوا الناس الآخرين، كما بلّغت الرسل عليهم السلام . أما الاختلاف عند أهل الأرض، فله أسباب كثيرة، الاختلاف الضار ما يتعلق بالأصول، أما المسائل الفقهية الخلاف بين الناس فيها أمر واقع، والرسول صلى الله عليه وسلم بيّن ما يجب في هذا، وأن الواجب هو الاجتهاد وتحري الحق وردّ ما تنازع فيه الناس إلى الله ورسوله ، كما قال سبحانه: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإذَِا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ فسائر الفروع يقع فيها الخلاف واشتباه الأمر، على المسلمين فيها أن يعرضوها على الكتاب والسنة عند الاختلاف، فما دلّ الكتاب والسنة عليه وجب الأخذ به والتمسك به والرجوع إليه وما خالفهما يجب الابتعاد عنه .

Icon