الفتاوى

الأخ/ خ. إ.، من مكة المكرمة ، يقول: نرجو من سماحتكم أن تفسروا قوله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا...
الأخ/ خ. إ.، من مكة المكرمة ، يقول: نرجو من سماحتكم أن تفسروا قوله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا لأن بعض الناس يسيئون فهمها، فيعتقدون أن النّاس كلهم سوف يدخلون النار وكلهم سوف يحاسب بعمله، فإن شاء الله أخرج من يشاء ويبقي من يشاء، جزاكم الله خيراً؟

الإجابة

هذه الآية الكريمة فسرها النبي صلى الله عليه وسلم وهي قوله عز وجل: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا يعني النار ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا فسّرها النبي بأن الورود المرور والعرض على النار، هذا هو الورود، يعني مرور المسلمين عليها إلى الجنة، ولا يضرهم ذلك، وإنما يمرون كلمح البصر ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كأجاويد الخيل والرِّكاب، تجري بهم أعمالهم ولا يدخلون النار، المؤمن لا يدخل النار، بل يمر مروراً لا يضره ذلك، فالصراط جسر على متن جهنم، يمر عليه الناس، وقد يسقط بعض الناس لشدة معاصيه، وكثرة معاصيه فيعاقب بقدر معاصيه، ثم يخرجه الله من النار إذا كان موِّحداً مؤمناً، وأمّا الكفار فلا يمرون بل يساقون إلى النار، ويحشرون إليها نعوذ بالله من ذلك، لكن بعض العصاة الذي لم يعفُ الله عنهم قد يسقط بمعاصيه التي مات عليها ولم يتب كالزنى وشرب الخمر المسكر، وعقوق الوالدين وأكل الربا وأشباه ذلك من المعاصي الكبيرة، صاحبها تحت مشيئة الله، كما قال الله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ هو سبحانه لا يغفر الشرك لمن مات عليه ، ولكنه يغفر ما دون ذلك من المعاصي لمن يشاء سبحانه وتعالى، وبعض أهل المعاصي لا يغفر له، يدخل النار، كما تواترت في ذلك الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحاديث كثيرة أن بعض العصاة يدخلون النار، ويقيم فيها ما شاء الله، وقد تطول إقامته من كثرة معاصيه، التي لم يتب منها وقد تقل ويشفع النبي صلى الله عليه وسلم في العصاة عدة شفاعات، يحدّ الله له حدّاً فيخرجهم من النار، فضلاً منه سبحانه وتعالى عليهم؛ لأنهم ماتوا على التوحيد والإسلام ، لكن لهم معاصي لم يتوبوا منها، وهكذا تشفع الملائكة ، ويشفع المؤمنون، ويشفع الأفراط، ويبقى أناس في النار من العصاة، لا يخرجون بالشفاعة، فيخرجهم الله جل وعلا ، فضلاً منه سبحانه وتعالى، يخرجهم الله من النار بفضله، لأنهم ماتوا على التوحيد، وماتوا على الإسلام ، لكن لهم معاصي ماتوا عليها لم يتوبوا منها، فعذّبوا من أجلها، ثم بعد مضي المدة التي كتبها الله عليهم، وبعد تطهيرهم بالنار يخرجهم الله من النار إلى الجنة، فضلاً منه سبحانه وتعالى، وبما ذكرنا يتضح معنى الورود، وأن قوله سبحانه: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا يعني المرور فقط لأهل الإيمان، وأن بعض العصاة قد يسقط في النار، ولهذا في الحديث: فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، حَتَّى يمَُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْباً فالمؤمن السليم ينجو وبعض العصاة كذلك، وبعض العصاة قد يخر ويسقط .

Icon