الإجابة
هذه الآية على ظاهرها يخبر سبحانه، أنه عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال، يعني بحملها والأخذ بها، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً، وهذه الأمانة هي التكاليف التي كلف الله بها العباد، من الأوامر والنواهي المتعلقة بحق الله والمتعلقة بحق العباد ، فشأنها عظيم، وخطرها كبير وحملها الإنسان؛ لأنه كان ظلوماً جهولاً، هذا هو الغالب على بني آدم، الظلم والجهل، إلاَّ من تعلَّم واستقام على أمر الله، وخرج من حيز الجهل إلى العلم، ومن حيز الظلم إلى العدل، والإنصاف والاستقامة، فالتكاليف كلها أمانات، الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والطهارة الصغرى والطهارة الكبرى، وغير ذلك مما أمر الله به ورسوله، كلها أمانات وهكذا ترك المحارم والحذر منها، أمانة الكف عن المحارم، وطاعة الله وتعظيم الله من الأمانات، وهكذا أداء الودائع والرهون، والعناية بها وصيانتها عن الأذى، أمانة يجب على المؤمن أن يصونها، وأن يؤديها كما أخذها من غير تفريط، ولا إضاعة ولا عدوان، فمن قصر في شيء من ذلك فقد قصر في الأمانة وخانها والخيانة تختلف بعضها أكبر من بعض، والله جل وعلا يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، ومدح أهل الإيمان برعاية الأمانة، فقال: وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ هذه من وصف أهل الإيمان؛ لأن الله قال في أول الآيات: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ثم ذكر صفات جليلة منها، قوله سبحانه: وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ فالواجب على المؤمن أن يرعى الأمانة والعهد وأن يحذر الخيانة في جميع الأمانات ، أمانات الله سبحانه وتعالى وأمانات عباده .