الفتاوى

يسأل عن تفسير بعض الآيات، يقول الحق تبارك وتعالى، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ...
يسأل عن تفسير بعض الآيات، يقول الحق تبارك وتعالى، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ؟

الإجابة

الرب جل وعلا يسلي نبيه صلى الله عليه وسلم، ويصبره حتى لا يجزع من تكذيب قومه له ، فقد كذبت أقوام كثيرة، لرسلها عليهم الصلاة والسلام ، فيقول له: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ يعني لك فيهم أسوة، فلا تجزع وعليك بالصبر، ولهذا قال في الآية الأخرى: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ وقال: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا الله يأمر نبيه بالصبر والتأسي برسل عظام ، فقد كذبوا وأوذوا فصبروا، فهو كذلك عليه أن يصبر كما صبروا، وأن يتحمل كما تحملوا، وله عند الله الأجر العظيم، والخير الكثير وهو سبحانه الذي يهدي من يشاء، قال تعالى: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وقال سبحانه: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فلا بد من التحمل والصبر، والله جل وعلا هو الحكيم العليم، فيما يأمر به وفيما ينهى عنه، وفي توفيق هذا للإسلام والطاعة، وفي إضلال آخر حتى لا يسلم، ويقبل الحق، فهو الحكيم العليم جل وعلا ، فعلى العبد أن يسأل الله التوفيق، وأن يستعين به على الخير، وأن يحذر الشر وأسبابه وأن يصبر كما صبر، وهكذا الرسل عليهم الصلاة والسلام ، عليهم أن يصبروا وعلى نبينا أن يصبر كما صبر من قبله، وأمَّا الآية الآخرى ففيها التحذير من الاغترار بالدنيا، والاغترار بالشيطان وهو غرور، أي يجب على المؤمن أن يحذر الدنيا، وشهواتها الفاتنة، ولهذا قال جل وعلا : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ، وعده لكم بالحساب والجزاء وبالجنة والنار، وقيام الساعة، كله حق، لابد من قيام القيامة ولا بد من الجزاء على الأعمال، ولا بد من الجنة لأهل الإيمان والتقوى، والنار لأهل الكفر والنفاق، كله حق ولهذا قال: فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا في زينتها وأموالها وشهواتها، ومآكلها ومشاربها وغير ذلك، مما فيها فهي دار الزوال، دار الفناء كما قال تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وقال سبحانه: وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ . فلا يليق بالعاقل المؤمن، أن يغتر بها وزينتها وأهلها وما أعطوا من الدنيا، بل يحذر ويستعد للآخرة، ويستعين بنعم الله على طاعة الله، ولا يغتر بالشيطان، فهو يزين للناس الباطل، ويغرهم ويدعوهم إلى الركون إلى الدنيا، ويدعوهم إلى التكذيب بالآخرة، ويزين لهم هذه العاجلة وربما يزين الإصرار على المعاصي، ويقول: التوبة بعد ذلك، إذا لم يجد حيلة بتكذيبهم وإنكارهم للآخرة، زين لهم أنهم يتساهلون بالمعاصي، وقال: في إمكانكم التوبة بعد ذلك، والله غفور رحيم، ونحو هذا مما يغرهم به، فالواجب الحذر من طاعة الغرور، الشيطان، والحذر من المعاصي كلها، والبدار بالتوبة عند وجود المعصية، ولهذا قال بعده: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا 3 أي عاملوه معاملة الأعداء، فهو عدو مبين كما قال سبحانه: إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ يعني أتباعه: لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ هذه مهمته وهذه دعوته، وهذا سبيله، الدعوة إلى النار، فالواجب على العاقل أن يحذر هذا العدو المبين وألاَّ يطيعه فيما يدعو إليه من الباطل ويحذر وساوسه، وما يزينه من المعاصي لعله ينجو .

Icon