الإجابة
هذا ثناء من الله سبحانه على العلماء، وبيان لعظم منزلتهم، وعظم فضلهم على الناس، والمراد بذلك العلماء بالله علماء الشريعة، علماء القرآن والسنة ، الذين يخافون الله ويراقبونه، هم المراد هنا، يعني الخشية الكاملة، خشيتهم أكمل من خشية غيرهم، وإلاَّ كل مؤمن يخشى الله، كل مسلم يخشى الله، ولكنها تتفاوت، فليست خشية العلماء المتبصرين علماء الحق، علماء الشريعة، ليست خشيتهم مثل خشية عامة المسلمين، بل هي أكمل وأعظم، ولهذا يراقبون الله، ويعلمون عباد الله، ويقفون عند حدود الله، وينفذون أوامر الله، فأعمالهم تطابق أقوالهم وتطابق علمهم، هم أكمل الناس خشية لله عز وجل، وليس معناها أن المؤمن الذي ليس بعالم لا يخشى الله، فمراد الرب جل وعلا حصر كمال، مثلما قال جل وعلا : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الآية، ليس معناه أن الذي لا يوجل قلبه عند ذكر الله أو لا يزداد إيماناً عند ذكر الله ليس بمؤمن بل المراد أن هؤلاء هم المؤمنون الكمل، المؤمنون الذين لديهم كمال إيمان، وقوة إيمان وهكذا قوله جل وعلا : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ معناه هم المؤمنون الكمل الذي كمل إيمانهم، وليس معناه أن من لم يجاهد، فلا إيمان له، بل له إيمان بقدره، على حسب حاله وقدرته، المقصود من هذا كله بيان الكمال، كمال خشية الله، وكمال الإيمان وإلاَّ فالمؤمنون جميعاً رجالاً ونساءً، وإن لم يكونوا علماء، عندهم خشية، وعندهم إيمان وعندهم تقوى، لكن المجاهدين والذين عندهم علم في الكتاب والسنة، أكمل من غيرهم إيماناً ، وأعظم إيماناً، لما حصل في قلوبهم من الخير العظيم، والخشية العظيمة التي حملتهم على أن علموا الناس الخير، وعملوا به، وصدقوا أقوالهم بأعمالهم، وحملتهم خشيتهم لله على البدار في الجهاد في سبيله، والصبر على تقديم أنفسهم للشهادة؛ لأنهم يعلمون أن هذا طاعة لله ورسوله .