الفتاوى

يقول السائل: فسروا لنا قول الحق تبارك وتعالى: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) لا يَسْتَطِيعُونَ...
يقول السائل: فسروا لنا قول الحق تبارك وتعالى: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75) فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ؟

الإجابة

الآية واضحة في بيان حال المشركين، الذين بعث فيهم عليه الصلاة والسلام ، من قريش وغيرهم، وأنهم اتخذوا من دون الله آلهة من الأصنام، والأشجار والأحجار والملائكة والأنبياء وغيرهم، فإن آلهة المشركين أنواع كثيرة، وهم فعلوا هذا لعلهم ينصرون، يرجون نصرهم يرجون شفاعتهم، كما قال جل وعلا عنهم في آية أخرى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ يعني شفعاءنا في نصرهم لنا وإعانتهم لنا على أعدائنا وشفاء مرضانا وفي غير ذلك، وقال في الآية الأخرى، في سورة الزمر: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى فهم عبدوهم لينصروهم ويقربوهم ويشفعوا لهم، ثم بين سبحانه أنهم لا يستطيعون نصرهم، هذه الآلهة ما تستطيع نصرهم، ولا نصر نفسها أيضاً، كما قال جل وعلا في سورة الأعراف: أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ، فهم لا يستطيعون نصر عابديهم، ولا نصر أنفسهم، بل النصر من عند الله جل وعلا ولينصرن من يشاء سبحانه وتعالى ، كما قال تعالى: وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ وهم لهم جند محضرون، يوم القيامة ضدهم محضرون معهم، يوم القيامة في النار كلهم يعذبون جميعاً، وهذا في الآلهة المعبودة من دون الله، برضاها كفرعون والنمرود ، والأصنام وأشباههم، هم معهم في النار، أمَّا الملائكة والأنبياء فهم براء منهم، لا يرضون بعبادتهم إيَّاهم، كما قال جل وعلا عن الملائكة : تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ فالمقصود أن هؤلاء الأصنام، الذين هم معهم يوم القيامة في النار، هم الذين عبدوهم من دون الله، من جمادات كالأصنام والأشجار أو آلهة من الجن، أو من الإنس، رضوا بذلك معهم في النار، أمَّا من لم يرض بذلك كالأنبياء والملائكة والصالحين، فهم ليسوا معهم، بل الله قد أجارهم منهم، وحماهم منهم، وهم براء منهم، بل العابدون هم الذين في النار، الذين عبدوا غير الله، وأشركوا بالله، وأما المعبودون الذين لم يرضوا بذلك، كالملائكة والرسل والأنبياء والصالحين، فإنهم لا يرضون أن يعبدوا من دون الله، بل يتبرأون من ذلك .

Icon