الفتاوى

يقول السائل: فسروا لنا قول الحق تبارك وتعالى: أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا...
يقول السائل: فسروا لنا قول الحق تبارك وتعالى: أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ جزاكم الله خيراً ؟

الإجابة

هم اتخذوهم وعبدوهم من دون الله ليقربوهم إلى الله زلفى، فقولهم ما نعبدهم، يعني: يقولون: ما نعبدهم إلاَّ ليقربونا إلى الله زلفى، وقبلها يقول الله عز وجل: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ، ثم قال سبحانه: أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ يعني العبادة الخالصة له وحده جل وعلا ، ليس له شريك في ذلك، كما قال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ في سورة البينة وقال جل وعلا : فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ، ولهذا قال سبحانه: أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ، ثم قال: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى يعني يقول هؤلاء المتخذون: يقولون: ما نعبدهم يعني هؤلاء الآلهة من أصنام وأشجار وأحجار وملائكة وأنبياء وغيرهم إلاَّ ليقربونا إلى الله زلفى، أي ما نعبدهم؛ لأنهم يخلقون أو يرزقون أو ينفعون أو يضرون؛ لأنهم يعرفون أن الله هو النافع والضار، يعني المشركين الأولين من قريش وغيرهم يعرفون أن الله هو النافع والضار، والخلاق الرزاق وهو المدبر والمحيي والمميت، يعرفون هذا كما قال جل وعلا ، وأمر النبي يسألهم، قال سبحانه لنبيه: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ قال تعالى: فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ يعني يقوله المشركون، قال تعالى: فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ يعني قل لهم يا محمد : فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ الإشراك بالله، وأولها يقول سبحانه: يقول يعني قل يا محمد للناس قريش وغيرهم، من يرزقكم من السماء ومن الأرض، يعني من هو الذي يرزقهم من السماء والأرض، يرزقهم من السماء والأرض، ومن الأرض بالنبات الذي ينبته الله، والثمار والحيوانات التي في الأرض، والمعادن وغير ذلك، أم من يملك السمع والأبصار، هو يملك سمع الناس وأبصارهم، ومن يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر، يعني في العالم كله قال الله تعالى: فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ يعني هؤلاء المشركين، يقولون: الله هو المدبر للأمور، والخلاق وهو الرزاق وهو النافع والضار، وهو الذي يحيي ويميت سبحانه وتعالى، فسّر إخراج الحي من الميت، إخراج المسلم من الكافر والميت من الحي، الكافر من المسلم، وفسر بإخراج البيضة من الدجاجة، والدجاجة من البيضة والنبات من الأرض الميتة، كل هذا إخراج، نوع من إخراج الحي من الميت، والميت من الحي، فالمقصود أن المشركين من عبدة الأوثان، يعرفون أن الله سبحانه هو النافع الضار، وهو مدبر الأمور وهو الخلاّق الرزّاق، ولكنهم يعبدون الآلهة ليشفعوا لهم وليقربوهم إلى الله زلفى، لا لأنهم ينفعون أو يضرون بخلاف الكفار المشركين المتأخرين، هؤلاء قد وقعوا في الشرك الأكبر ، من جهة الربوبية، بعض المشركين المتأخرين، شركهم أكبر من أولئك المشركين؛ لأنهم يشركون مع الله في الربوبية، وظنوا أن بعض آلهتهم، يدبرون الأمور ويتصرفون في الأمور، وينفعون أو يضرون، وأن الله قد جعل لهم هذا، وهذا باطل هذا كفر بالربوبية، شرك بالربوبية، أعظم وأقبح من شرك قريش وأشباههم، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ . فسماهم كذبة في قولهم: إنهم يقربونهم زلفى، كفاراً لأنهم عبدوهم مع الله، ودعوهم واستغاثوا بهم ونذروا لهم، وتقربوا لهم فصاروا بهذا كفاراً، ولهذا قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ يعني لا يوفقه لقول الحق، وإلاَّ الهداية للبلاغ، قد بلغهم سبحانه بالرسل، والكتب لكن لا يهديهم، لا يوفقهم، بسبب إعراضهم عن الحق، واستكبارهم على الحق وعنادهم للرسل، نسأل الله العافية والسلامة .

Icon