الفتاوى

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المبين في سورة الصف، الآية الرابعة عشرة، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم يَا...
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المبين في سورة الصف، الآية الرابعة عشرة، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ أورد هذه الآية الكريمة مستمع من السودان ، هو. ع. س. د. ، يسأل عن تفسير هذه الآية الكريمة، ويقول بالذات كيف قال عيسى من أنصاري، ثم قال الحواريون نحن أنصار الله ولم يقولوا نحن أنصارك؟

الإجابة

الآية واضحة، أن يكونوا أنصار الله، فأمر المؤمنين أن يكونوا أنصار الله، وأنصار الله هم أنصار دينه، الله ليس بحاجة إلى أحد من الناس، الله سبحانه غني عن عباده ، ليس بحاجة إليهم، فأنصار الله هم أنصار دينه والدعاة إليه وحماته حتى يظهر بين الناس، وحتى يلتزمه الناس، كما قال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ . تنصروا الله يعني تنصروا دينه وشريعته، وما أمر به، وتنصروا ترك محارمه، وهكذا قوله سبحانه: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ . هذا نصر الله بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله عز وجل، وإقامة الجهاد في سبيل الله، وردع المبطلين عن باطلهم، وإقامة الحدود عليهم إلى غير ذلك، هذا هو النصر الذي لله، ومنه حديث ابن عباس المشهور: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ يعني، احفظ دين الله باتباعه والاستقامة عليه يحفظك الله سبحانه؛ لأن الجزاء من جنس العمل، ومن حفظ الله باتباع دينه حفظه الله ، ومن نصر الله نصره الله ، فمعنى قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ . يعني كونوا من أنصار دين الله، كونوا من أتباع الشرع، ودعاة الحق والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ثم ذكر عن عيسى عليه السلام ، أنه قال للحواريين من أنصاري إلى الله، يعني من أنصاري إلى التوجه إلى الله، والدعوة إليه واتباع شريعته، وهكذا ينبغي لأهل الإيمان، أن يكونوا أنصارًا لله وأنصارًا للرسل ، وأنصارًا لدعاة الحق، فمعنى من أنصاري إلى الله، يعني من أنصاري في الدعوة إلى الله والتوجيه إليه وإقامة دينه، فقال الحواريون، هم الأنصار، الحواري هو الناصر، سمي حواريًا لنصرته الحق وقيامه بالحق، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ يعني ابن العوام . لما انتدب إلى الأحزاب بأمره عليه الصلاة والسلام ، فالحواريون هم الأنصار، أنصار الحق، فقالوا هم في هذه الآية: نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ؛ لأنهم يعلمون أن نصر النبي نصر لله، فلم يقولوا أنصارك، أتوا بالأمر الأعلى الذي هو مقصود عيسى عليه الصلاة والسلام ، ولهذا قالوا نحن أنصار الله، يعني نحن الأنصار الذين دعوتهم إلى أن نكون معك، في نصر دين الله، فقال من أنصاري إلى الله قالوا: نحن أنصار الله، يعني نحن الأنصار الذين ينصرون دين الله، وينصرون الدعاة إليه ومنهم عيسى عليه الصلاة والسلام ، فهم أتوا بعبارة أكمل وأعظم وأشرف، في حقه حيث قالوا: نحن أنصار الله؛ لأن أنصار الرسل هم أنصار الله، من نصر الرسول، فقد نصر الله ومن نصر الحق فقد نصر الله، فهم اختاروا هذه الكلمة التي هي مقصود عيسى عليه الصلاة والسلام .

Icon