الإجابة
الحجر هو العقل، والله يقول سبحانه وتعالى: وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ هذه الآية تبين أن هذه أقسام عظيمة، أقسم الله بها سبحانه، والله جل وعلا يقسم بما شاء ، لا أحد يتحجر عليه سبحانه وتعالى، وإنما أقسم بها لأنها من آياته الدالة على قدرته العظيمة، وأنه رب العالمين، فقال: وَالْفَجْرِ وهو انفلاق الصبح بعد ذهاب الليل، وَلَيَالٍ عَشْرٍ فسّرت هذه الليالي بليالي عشر ذي الحجة، وبليالي العشر الأخيرة من رمضان ، فهي كلها معظمة وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ . الشفع: اثنان وأربعة وستة، ونحو ذلك، والوتر الواحد والثلاثة والخمسة ونحو ذلك، كلها من آيات الله سبحانه وتعالى، جعل شفعًا ووترًا في مخلوقاته جل وعلا ، وهي من آياته سبحانه وتعالى، السماوات السبع وتر، والأراضي السبع وتر، والعرش واحد وتر، والكرسي واحد وتر، وجعل أشياء شفعًا كالليل والنهار شفعًا والذكر والأنثى شفعًا وغير ذلك، كما قال تعالى: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ و وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ من آياته كذلك، هذا الليل، حين يأتي بظلامه، والنهار حين يأتي بضيائه، كلها من آياته سبحانه وتعالى، ثم قال بعد هذا: هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ فالمعنى والله أعلم، هل في ذلك قسم لذي حجر، لذي عقل يقتضي أن يخالف، بل يجب على المؤمن أن يتدبر ويتعقل ويعرف، أنه سبحانه إنما أقسم بهذه الأقسام؛ لدلالة عباده على عظم هذه المخلوقات ، وأنها من الدلائل على قدرته العظيمة، ووحدانيته سبحانه وتعالى، وأنه لا يجوز للمؤمن أن يخالف ما دلت عليه، ويشرك بالله ويعبد معه سواه، وهو الخلاّق لهذه الأشياء، القائم بأرزاق العباد، إلى غير هذا سبحانه وتعالى، ويحتمل معنى آخر، هو أنه سبحانه يريد: هل في ذلك قسم لذي حجر، يقسم به أولى، من هذه الأقسام التي فيها دلائل على قدرته العظيمة، مع أنه سبحانه حرّم القسم بغيره جل وعلا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ فليس لأحد أن يقسم إلاَّ بربه سبحانه وتعالى، فالآية فيها شيء من الغموض، لكن يحتمل أن المراد أن هذا القسم كافٍ في الدلالة على عظم هذه المخلوقات، وأنها من دلائل قدرته العظيمة، ويحتمل أن المعنى هل في ذلك لذي حجر، قسم آخر ينبغي أن يقسم به، للدلالة على توحيد الله والدعوة إلى عبادته، والإخلاص له سبحانه وتعالى، هذا والله أعلم من المعنى، ويحتمل معنى آخر، ولعلنا نعود إلى ذلك في حلقة أخرى لمزيد البيان والإيضاح؛ لما قاله أهل العلم، في تفسير هذه الآية، والله جل وعلا أعلم، وأحكم سبحانه وتعالى .