الإجابة
الآية على ظاهرها، والويل إشارة إلى شدة العذاب، والله سبحانه يتوعد المصلين، الموصوفين بهذه الصفات التي ذكرها سبحانه، وهي قوله: عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ؛ وليس سهوهم عنها الترك، فإن الترك كفر أكبر، نسأل الله العافية، ولكنه نوع من التساهل، كتأخيرها عن أدائها في الجماعة والتهاون في بعض مكملاتها التي يجب أن تفعل ونحو ذلك مما يتعلق بالنقص فيها، هذا فيه الوعيد، أمَّا إذا تركها عمدًا فهذا يكون كافرا كفرًا أكبر، وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، ولقوله عليه الصلاة والسلام : إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاَةِ أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، فهذان الحديثان وما جاء في معناهما حجة قائمة وبرهان ساطع في كفر تارك الصلاة ، نعوذ بالله، وإن لم يجحد وجوبها، لكن إذا تساهل فيها بأن تساهل في أدائها، ولم يؤدها كما يجب أو تأخر عن أدائها في الجماعة، فهذا يعتبر من السهو عنها أما السهو فيها فهذا ليس فيه شيء، وليس فيه وعيد، وقد سها، النبي صلى الله عليه وسها المسلمون، فالسهو يقع من المؤمن في الصلاة ، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم أحكامه، ولكن المقصود السهو عنها وذلك بالتساهل والتهاون في أدائها، كما أوجب الله وأعظم من ذلك وأدهى وأمر الرياء، نسأل الله العافية، كعمل المنافقين، فإن المنافق كفره أشد من كفر الكافر، إذا صلاَّها رياءً لا عن إيمان ؛ لأنها فرض عليه، فإنه يكون كافرًا وصلاته باطلة، فإن صلاّها رياءً نافلةً بطلت أيضًا، فالواجب أن يصلي المؤمن لله وحده ، يريد وجهه الكريم ويريد الثواب عنده سبحانه وتعالى، ولعلمه بأن الله فرض عليه الصلوات الخمس ويؤديها إخلاصًا لله وطاعة لله وتعظميًا له، وطلبًا لمرضاته سبحانه وتعالى، ومن صفاتهم أنهم يمنعون الماعون، الماعون، فسر بالزكاة وأنهم يمنعون الزكاة ؛ لأن الزكاة قرينة الصلاة كما قال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ . وقال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ . وقال قوم آخرون من أهل العلم إنه العارية التي يحتاجها الناس، ويضطرون إليها كالدلو لجلب الماء، والميزان للحاجة والقدر للحاجة ونحو ذلك، ولكن منع الزكاة أعظم وأكبر، فينبغي للمؤمن أن يكون حريصًا على أداء ما أوجب الله، وعلى مساعدة إخوانه عند الحاجة؛ بالعارية لأنها تنفع إخوانه وتنفعه أيضًا، ولا تضرّه فينبغي له أن يساعد بالماعون، الذي يحتاجه جيرانه وإخوانه من قدر أو ميزان أو دلو أو غير هذا مما يحتاجه الجيران، والله ولي التوفيق .