أنا إذا عملت عمل خير أفرح به جدًا، فهل يدخل هذا في الرياء أعاذنا الله وإياكم منه؟
هذا لا يدخل في الرياء، كونه يفرح بعمل الخير ليزداد من أعمال الخير، وإذا عمل عمل سوء يكره ذلك ويندم عليه، هذا من قوة الإيمان، ومن فضل الله عليه {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا} [يون58]، فليس هذا من الرياء، لكن قد يحب أن يُمدح ويُحمد على هذا العمل، ثم يفرح بهذا المدح، ولا شك أن الثناء على الإنسان الذي يعمل الخير من عاجل بشراه، لكن لا ينبغي له أن يفرح بمدحهم، وإن كان بعضهم استنبط من مفهوم آية آل عمران {يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} [آل عمران: 188] أنه إذا أحب أن يُحمد بما فعل أنه لا شيء في ذلك، لكن الإشكال فيما إذا أحب أن يُحمد بما لم يفعل، ففرق بين هذا وذاك، فمثل هذا لا يدخل في الرياء، وابن القيم -رحمه الله- في (الفوائد) يقول: إذا حدثتك نفسك بالإخلاص فاعمد إلى حب المدح والثناء فاذبحه بسكين علمك ويقينك أنه لا أحد ينفع مدحه ويضر ذمه إلا الله -جل وعلا-، ثم ذكر حديث الأعرابي الذي قال: إن مدحي زينٌ وذمي شين، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ذاك الله عز وجل» [الترمذي: 3267]، ومع الأسف أن كثيرًا من المسلمين يفرحون فرحًا شديدًا إذا مُدحوا لا سيما إذا مُدحوا من عِلية القوم، مع أن هذا المادح لا يستطيع أن ينفعه بشيء، ولا أن يضره بشيء لم يقدره الله -جل وعلا-، ويغفل عن مثل: « فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم» [البخاري: 7405]، لماذا لا يكثر من ذكر الله -جل وعلا- ليذكره الله في نفسه إن كان الذكر في النفس، وفي الملأ الذين هم خير من مَلَئه وهم الملائكة إذا ذكره في ملأ؟
الإجابة
! مع أنّ الذكر في النفس أقرب إلى الإخلاص، والذكر في الملأ إذا سلِم من الرياء لا شك أنه يترتب عليه أنه يُقتدى به، فهو يدل الناس على الذكر، فيقتدون به ويذكرون الله -جل وعلا-، فيكون له مثل أجورهم، وفي الحديث: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» [مسلم: 1893]. أما إن أدى به الفرح الشديد بالعمل إلى العجب، فالعجب آفة، ولا شك أنه من أمراض القلوب التي على كل مسلم أن يجاهد نفسه بطردها، ومعرفة حقيقة حاله، وتذكر عيوبه؛ لئلا يُعجب بما يفعل؛ لأن العجب من الآفات ومن أمراض القلوب، فإذا أعجب الإنسان بنفسه فسوف يحتقر غيره، ويترتب عليه الكِبْر الذي هو غمط الناس وبطر الحق