الإجابة
الحمد لله:
لا ينبغي على المسلم ان يأخذ معاني كلام الله إلا من أهل العلم بالقرآن، وهم الصحابة ومن تابعهم بإحسان، ومن سلك سبيلهم ، من أهل العلم والإيمان ، الذين استكملوا أدوات النظر، وتأهلوا للكلام في كتاب الله ودينهم ، بما عندهم من العلم والأصول الراسخة .
ومن عجب أن يأتي متأخر فيدعي أن كل هؤلاء الصحابة لم يكن عندهم من العلم بمعاني هذه الآية ، إلا حين خرج علينا هذا الدعيّ الجهول ، ففهم منها ما لم تفهمه الأمة بأسرها ، على مر القرون ؛ وكفى بهذا ضلالة !!
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (290924) .
وهذه الشبهة المذكورة متهافتة، بل ليس فيها شيء مما يستحق الذكر والنقاش أصلا ، ولا فيها علم ، ولا أصل ، ولا لغة ، ولا فيها سوى الضلالات والخزعبلات .
وقد قال الله تعالى في أول الآية: (للذكر مثل حظ الأنثيين)، ثم استأنف الكلام في بيان حكم النساء، فقال: (فإن كن) ..
قال الطبري: " يعني جل ثناؤه بقوله: يوصيكم الله [النساء: 11] يَعْهَد الله إليكم في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين [النساء: 11] يقول يعهد إليكم ربكم إذا مات الميت منكم، وخلف أولادا ذكورا وإناثا، فلولده الذكور والإناث : ميراثه أجمع بينهم، للذكر منهم مثل حظ الأنثيين، إذا لم يكن له وارث غيرهم، سواء فيه صغار ولده وكبارهم وإناثهم في أن جميع ذلك بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ".
وقال: " فكأنه قيل: يقول الله تعالى ذكره: لكم في أولادكم : للذكر منهم مثل حظ الأنثيين.
وقد ذكر أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم تبيينا من الله الواجب من الحكم في ميراث من مات وخلف ورثة، على ما بين؛ لأن أهل الجاهلية كانوا لا يقسمون من ميراث الميت لأحد من ورثته بعده، ممن كان لا يلاقي العدو ولا يقاتل في الحروب من صغار ولده، ولا للنساء منهم، وكانوا يخصون بذلك المقاتلة دون الذرية .
فأخبر الله جل ثناؤه : أن ما خلفه الميت : بين من سمى وفرض له ، ميراثا ، في هذه الآية وفي آخر هذه السورة، فقال في صغار ولد الميت وكبارهم وإناثهم: لهم ميراث أبيهم ، إذا لم يكن له وارث غيرهم، للذكر مثل حظ الأنثيين " انتهى من " تفسير الطبري "(6/456-457)
وقال أيضا : " قوله تعالى: فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك [النساء: 11] يعني بقوله: فإن كن [النساء: 11] فإن كان المتروكات نساء فوق اثنتين.
ويعني بقول نساء: بنات الميت فوق اثنتين، يقول: أكثر في العدد من اثنتين. فلهن ثلثا ما ترك [النساء: 11] يقول: فلبناته الثلثان مما ترك بعده من ميراثه دون سائر ورثته إذا لم يكن الميت خلف ولدا ذكرا معهن " (6/ 460).
وليلعم أن ما بينه الله تعالى في هذه الآية الكريمة من ميراث الأنثى مع الذكر ، هو من الأمور المستقرة في الأمة ، لا نزاع فيها ولا خلاف ، ولا شبهة فيها ، ولا ريب ؛ بل هو مما توراثت الأمة علمه ، والعمل به عبر القرون ، خالفا عن سالف ، لا يشكون فيه ، ولا يترددون .
قال الإمام أبو محمد ابن حزم ، رحمه الله :
" مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ تَرَكَ ابْنًا وَابْنَةً، أَوْ ابْنًا وَابْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا، أَوْ ابْنَةً وَابْنًا فَأَكْثَرَ، أَوْ اثْنَيْنِ وَبِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ: فَلِلذَّكَرِ سَهْمَانِ، وَلِلْأُنْثَى سَهْمٌ.
هَذَا نَصُّ الْقُرْآنِ، وَإِجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ.
مَسْأَلَةٌ: وَالْأَخُ، وَالْأُخْتُ الْأَشِقَّاءُ أَوْ لِلْأَبِ فَقَطْ فَصَاعِدًا ، كَذَلِكَ أَيْضًا: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ .
وَهَذَا نَصُّ الْقُرْآنِ، وَإِجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ." انتهى من "المحلى" (9/271) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: " وإن كانوا ذكورًا وإناثًا : فللذكر مثل حظ الأنثيين .
وهذا متفق عليه بين المسلمين " انتهى من "جامع المسائل، المجموعة الثانية" (328) .
وقال: " فدل القرآن على أن البنت لها مع أخيها الذكر : الثلث، ولها وحدها النصف، ولما فوق اثنتين : الثلثان "، السابق: (333).
وراجع الأجوبة: (12911)، (262990)، (1105).
والله أعلم