الفتاوى

أثر ضعيف عن عمر في تفسير قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى).
‏ما صحة التفسير المنسوب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لقوله تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى )‏ بأنهم الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها ؟

الإجابة


الحمد لله
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (7/ 344):
" قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَال َ: كُتِبَ إِلَى عُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، رَجُلٌ لَا يَشْتَهِي الْمَعْصِيَةَ ، وَلَا يَعْمَلُ بِهَا أَفْضَل ُ، أَمْ رَجُلٌ يَشْتَهِي الْمَعْصِيَةَ وَلَا يَعْمَلُ بِهَا؟ فَكَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَهُونَ الْمَعْصِيَةَ وَلَا يَعْمَلُونَ بِهَا (أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) ".
وهذا إسناد ضعيف ، رجاله كلهم ثقات ، ولكن مجاهد ، وهو ابن جبر ، لم يسمع من عمر رضي الله عنه ، توفي عمر سنة ثلاث وعشرين "التقريب" (ص412) وتوفي مجاهد سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث أو أربع ومائة . "التقريب" (ص520) .
وقال أبو زرعة: مجاهد عن علي مرسل، وقال أبو حاتم: مجاهد عن سعد ومعاوية وكعب بن عجرة مرسل ، وقال البرديجي: روى مجاهد عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو . وقيل : لم يسمع منهما، ولم يسمع من أبي سعيد ، ولا من رافع بن خديج.
"تهذيب التهذيب " (10 /40 ).
فإذا كان لم يسمع من هؤلاء ، فلم يسمع من عمر ، لأنه مات قبلهم جميعا .
قال ابن أبي حاتم رحمه الله ، في "المراسيل" (204) :
" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شُعَيْبٍ نَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا دَاودَ يَقُولُ كُنَّا عِنْدَ شُعْبَةَ فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ ، فَقَالَ شُعْبَةُ : يَا أَبَا سَعِيدٍ ؛ هَهُنَا .
فَجَلَسَ ، فَقَالَ : حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: (سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ).
فَجَعَلَ شُعْبَةُ يَقُولُ : مُجَاهِدُ سَمِعَ عُمَرَ ؟!!
فَقَامَ الْحَسَنُ ، فَذَهَبَ " !! .
وينظر : " تحفة التحصيل" للعلائي (294-295) .

ولذلك أعله ابن كثير رحمه الله ، فساقه بإسناده في "الفاروق" له (866) ثم قال : " فيه انقطاع " انتهى .

والله أعلم.

Icon