الوقفات التدبرية

(غير المغضوب عليهم ولا الضالين) هم اليهود الذين علموا الحق فلم...

﴿غير المغضوب عليهم ولا الضالين﴾ هم اليهود الذين علموا الحق فلم يعملوا به، والنصارى الذين عملوا من غير اتباع للحق، وهكذا كل من سلك سبلهم في الضلال عن الحق والعمل به. وأما من هداه الله إلى الصراط المستقبم فإنه يعلم الحق ويتبعه؛ فيسلم من الغضب والضلال. كرر النفي مع الضالين تأكيدًا له، ولبيان أن كل وصف تختص به طائفة، فالغضب خص به اليهود كما قال عنهم: (وباؤوا بغضب على غضب)، والضلال للنصارى كما قال عنهم: ﴿قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرًا وضلوا عن سواء السبيل﴾. وهكذا من سلك سبلهم. في الإنعام أسند الفعل إلى الله، وفي الغضب بني الاسم للمفعول. وهذا من أدب القرآن في إسناد بعض الأفعال التي هي من قضائه. كما أن الغضب على هؤلاء يحصل من الله ومن ملائكته وأوليائه. أما الإنعام فمنه وحده:﴿وما بكم من نعمة فمن الله﴾ في الدنيا صراط مستقيم وعلى جنباته سبل الضلال، وفي الآخرة صراط على جهنم في جنباته كلاليب. وعلى قدر السير والثبات على الصراط في الدنيا يكون السير والثبات على صراط الآخرة. وعلى قدر تخطف سبل الضلال في الدنيا تتخطفك كلاليب جهنم.

ﵟ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﵞ سورة الفاتحة - 7


Icon