قال تعالى :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ
الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا
وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا
يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}
وقد حكى أحد النجديين قصة طريفة في استشعاره لمعنى هذه الآية، يقول الرجل حاكياً هذه القصة التي حدثت قبل أكثر من ستين سنة :
كنتُ في دكان صغير في سوق المدعي، بمكة المكرمة، وكنت قرأت قبل وقت قريب في الحرم الآية الكريمة ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾.
قال: فقلت في نفسي: ألم يجد الله شيئًا يضرب به المثل إلا الذباب؟
قال، ثم مضت أيام نسيت فيها ذلك فجاء إليَّ في دكاني خوي أي مرافق أو قال وزير للأمير عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود أخي الملك عبد العزيز ومعه ساعة وهي ساعة من ساعات الجيب المعتادة في ذلك الوقت، وقال لي: أنت تعرف الأمير إن جرى للساعة شيء فلا تلوم إلَّا نفسك.
فقالت له: ما يجري عليها شيء.
قال: فاتفقت معه على أن أمسحها له بريالين من الفضة قبل العملة الورقية، وهو مبلغ جيد.
وفتحت الساعة ونثرت أجزاءها من أجل تنظيفها.
قال: وكنا نضع شيئًا قليلًا من مادة تشبه الزيت لكن فيها لزوجة، إذا نثرنا أدوات الساعة الدقيقة من أجل أننا نأخذ الآلة الصغيرة منها برأس مسمار ونضعها في مكانها لأن اليد لا تستطيع أن تمسكها لصغرها.
قال: وبينما أنا أعمل في الساعة وإذا بذباب يقع على مسمار صغير فيه تلك المادة اللزجة من مسامير الساعة المنثورة فيعلق برجله ويطير به!
قال: فذهلت وخرجت أتبع الذباب الطائر وأنا لا أدري ما أصنع لأن الذباب خرج من الدكان إلى شارع المدعي، وفي رجله ذلك المسمار الصغير قد علق بها.
ولكن الذباب كان سريعًا إلى درجة أنني كدت أصطدم بجاري في الدكان أو قال اصطدمت به لأن عيني كانت متابعة للذباب، فرجعت إلى دكاني خائبًا، وجاري يسألني ويقول: سمعتك تقول: الذباب، الذباب، ولم أفهم الأمر.
قال: فأخبرته بالأمر، وأن ذلك المسمار الذي طار به الذباب لا يوجد للبيع فذهبت إلى شيخ الساعات أو قال الساعاتية في مكة أقص عليه القصة وأسأله عما إذا كان المسمار يوجد مثيل له للبيع، لأن الساعة هي ساعة الأمير عبد الله بن عبد الرحمن ولا يمكن أن تشتغل بدون ذلك المسمار!
فقال لي: ذلك لا يوجد للبيع، ولا مخرج لك إلَّا بأن تشتري ساعة كاملة مماثلة لساعة الأمير وتأخذ ذلك المسمار منها، قال شيخ الساعاتية: من حسن حظك أن عندي واحدة بثمانية ريالات، قال: وأنا أعرف أن هذه قيمتها فاشتريتها بثمانية من أجل أن أحصل على ريالين من ساعة الأمير.
وفطنت إلى أنني قد عوقبت على عدم فهمي لضرب المثل بالذباب، لأنني بالفعل لم أستطع استنقاذ ذلك المسمار الصغير من رجله!
ﵟ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﵞ سورة الحج - 73