الوقفات التدبرية

آية (٣٥) : (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ...

آية (٣٥) : ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ﴾ * قال تعالى ﴿ولا تقربا﴾ ولم يقل ولا تأكلا حتى لا تضعف نفسه عند مشاهدة ثمارها فتتوق نفسه للأكل من ثمرها ولو نهي عن الأكل لاقترب منها وعندها سيقاوم نفسه التي تريد تناول ثمارها وإما يأكل منها وإما لا يأكل . *خاطب تعالى آدم لوحده ومرة خاطب آدم وحواء ، كيف نفهم الصيغ المتعددة في الخطاب؟ من الذي قال أن الخطاب مرة واحدة؟ (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ (٣٥) البقرة) (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (١١٧) طه) هذا الخطاب غير ذاك الخطاب ، من أدراه أن الخطاب كان واحداً؟ هذا وقت متغير. * استخدام كلمة ﴿زوجك﴾ بدل زوجتك : لغويًا الأصل هو كلمة زوج وفي اللغة الضعيفة تستعمل زوجة ، في اللغة يقال المرأة زوج الرجل والرجل زوج المرأة ، فالأولى والأصح أن تستخدم كلمة زوج ولذا استخدمها القرآن الكريم في الآية. * الفرق بين الزوج والبعل : البعل هو الذكر من الزوجين ، في اللغة البعل من الإستعلاء يعني السيد القائم المالك الرئيس وهي عامة ، بعلُ المرأة سيّدها وسُميّ كل مستعل على غيره بعلاً ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ﴾ لأنهم يعتبرونه سيدهم المستعلي عليهم. الأرض المستعلية التي هي أعلى من غيرها تسمى بعلاً والبعولة هو العلو والاستعلاء ومنها أُخِذ البعل زوج المرأة لأنه سيدها ويصرف عليها والقائم عليها. البعل لا يقال للمرأة وإنما يقال لها زوج. الزوج هو للمواكبة ولذلك تطلق على الرجل والمرأة هي زوجه وهو زوجها ، الزوج يأتي من المماثلة ﴿وآخر من شكله أزواج﴾ أي ما يماثله ، لا يقال للمرأة في القرآن زوجه إلا إذا كانت مماثلة له قال ﴿اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ﴾ لم يقل زوج فرعون لأنها ليست مماثلة له، وإنما ذكر الجنس ﴿امرأة﴾. لو قال زوج يكون فيها مماثلة حتى في سيدنا إبراهيم لما المسألة تتعلق بالإنجاب قال ﴿وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ﴾ هذا يراد به الجنس وليس المماثلة ، ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ فيهن مماثلة لأنهن على طريقه وهنّ جميعاً مؤمنات وأزواجه في الدنيا أزواجه في الآخرة. * سبب تقديم وتأخير كلمة رغدا في آيتى سورة البقرة (٣٥) و (٥٨) : العيش أو الأكل الرغد هو الهنيء الذي لا جهد معه. الآية الأولى الكلام مع آدم عليه السلام الترخيص بسكن الجنة أولاً ﴿اسكن أنت وزوجك الجنة﴾ ثم بالأكل من الجنة ﴿وكلا منها رغداً﴾ ثم بمطلق المكان ﴿حيث شئتما﴾ المكان مطلق غير مقيّد ثم قيّده بشجرة ﴿ولا تقربا هذه الشجرة﴾ هذا التقييد بعد الإطلاق هو نوع من الإستثناء كأنه قال: كلوا من كل هذه الأماكن إلا من هذا المكان. لما كان الكلام إستثناء من مكان ربط بين المستثنى والمستثنى منه ، المستثنى منه ﴿حيث شئتما﴾ والمستثنى (قربان الشجرة) فلابد من إتصالهما ، ولو قيل في غير القرآن: كلا منها حيث شئتما رغداً ولا تقربا ستكون كلمة ﴿رغداً﴾ فاصلة بين المستثنى منه والمستثنى وهذا خلل في اللغة لا يجوز أو على الأقل فيه ضعف . لذلك قدّم رغداً مع نوع من الإهتمام بالعيش الهنيء لهما ، كلا منها رغداً حيث شئتما إلا من هذا الموضع فجمع بين المكان المستثنى منه وبين المكان المستثنى الذي ينبغي أن لا يقرباه . * قال تعالى لآدم عليه السلام ﴿حيث شئتما﴾ : فأثبت لهما المشيئة من أول خلقتهما .

ﵟ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﵞ سورة البقرة - 35


Icon