الوقفات التدبرية

(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) أو (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ): * الفرق بين...

﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ أو ﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾: * الفرق بين المالك والمَلِك: -- المالك من التملك بمعنى الذي يملك، والمالك قد يكون ملكاً أو لا، أما المَلِك من المُلك والحكم، والمَلِك قد يكون مالكاً أو لا. -- المالك يتصرف في ملكه كما لا يتصرف المَلِك، والمالك عليه أن يتولى أمر مملوكه من الكسوة والطعام والملك ينظر للحكم والعدل والانصاف. المالك أوسع لشموله العقلاء وغيرهم والملك هو المتصرف الأكبر وله الأمر والإدارة العامة في المصلحة العامة فنزلت القراءتين متواترتين لتجمع بين معنى الملكية والملك وتدل على أنه سبحانه هو المالك وهو المَلِك ﴿قُلِ اللَهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ﴾. * قال مالك يوم واليوم لا يملك إنما ما فيه يملك: مالك اليوم لكل ما يجري وما يحدث في اليوم وكل ما فيه ومن فيه فهي إضافة عامة شاملة من باب المِلكية والمُلكية لقصد العموم. *مالك يوم الدين، ولم يذكر الدنيا: -- قال ﴿الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فهو مالكهم وملكهم في الدنيا وهذا شمل الدنيا. -- ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ هو مالك يوم الجزاء يعني ملك ما قبله من أيام العمل والعمل يكون في الدنيا فقد شمل يوم الدين الدنيا أيضاً.  * ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ وليس مالك يوم القيامة أو الجزاء أو الحساب أو الحشر: الدين بمعنى الجزاء وهو يشمل الجزاء والحساب والطاعة والقهر وكلمة الدين أنسب للفظ رب العالمين وأنسب للمكلفين فالجزاء يكون لهؤلاء المكلفين والكلام من أوله لآخره عنهم فهو أنسب من يوم القيامة لأن القيامة فيها أشياء لا تتعلق بالجزاء. ولو قال مالك يوم القيامة يكون التصور هو قيام الناس من قبورهم لا يكون فيه معنى المحاسبة، ولا يكون فيه معنى الطاعة والإلتزام ولا يكون فيه معنى الإعتقاد في الدين فهو يوم الإعتقاد السليم، هذا يومكم هذا يوم الدين الذي يبرز فيه الدين ويتعالى فيه الدين. اقتران الحمد بهذه الصفات أحسن وأجمل اقتران : -- ﴿الْحَمْدُ للهِ﴾ فالله محمود بذاته وصفاته على العموم والله هو الاسم العلم. -- ثم محمود بكل معاني الربوبية ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ لأن من الأرباب من لا تحمد عبوديته. -- وهو محمود في كونه رحمن رحيم، محمود في رحمته يضعها حيث يجب ان توضع لأن الرحمة لو وضعت في غير موضعها لم تكن مدحاً لصاحبها. -- وهو محمود في تملكه وفي مالكيته وفي ملكه يوم الدين ﴿مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ أو ﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾. -- استغرق الحمد كل الأزمنة من الأزل إلى الأبد : فالحمد قبل الخلق ﴿الْحَمْدُ للهِ﴾ حين كان تعالى ولم يكن معه شيئ قبل حمد الحامدين وقبل وجود الخلق والكائنات فاستغرق الحمد هنا الزمن الأول. وعند خلق العالم ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. واستغرق الحمد وقت كانت الرحمة تنزل ولا تنقطع ﴿الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ﴾. واستغرق الحمد يوم الجزاء كله وهو لا ينتهي لأن أهل النار خالدين فيها وأهل الجنة خالدين فيها لا ينقضي جزاؤهم.

ﵟ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﵞ سورة الفاتحة - 4


Icon