الوقفات التدبرية

آية (١٣٦) : (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا...

آية (١٣٦) : ﴿قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ * فى آل عمران (قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(٨٤)) * في البقرة ﴿أُنْزِلَ إِلَيْنَا﴾ وفي آل عمران ﴿أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾ : لما تأتي ﴿إلى﴾ معناها غاية الوصول ولما تأتي ﴿على﴾ فيها معنى الإستعلاء ، عندما تقول دخل زيد إلى القوم يعني مشى ودخل إليهم كأنه في مستواهم ، لكن لما تقول دخل عليهم فيه نوع من التعالي كأنه مرتفع عنهم مثل ﴿فخرج على قومه في زينته﴾ . في بداية آية البقرة نوع من مباشرة الدعوة من المسلمين لغير المسلمين أن يأتوا إلى دينهم ﴿قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا﴾ فهو حديث بشري بين البشر قالوا نحن وصل إلينا ما هو خير مما عندكم فلا نحتاج إلى ما عندكم والعطف عادة يكون مثل المعطوف عليه . كما أن الآية تتحدث عن تصديق الرسالة والنبوة أي نحن نصدق بأن هؤلاء مرسلون من الله وهم صادقون . بينما في آية آل عمران الكلام عن ميثاق أُخِذ على الأنبياء أن يوصوا أتباعهم باتّباع النبي الجديد الذي سيأتي فهي ميثاق من الله عز وجل وفيه ذكر للسماء ففيه علو ، والوحي من أين يأتي؟ من الله عز وجل الذي هو أعلى فناسب أن يقول ﴿أُنزل علينا﴾ . * في آية البقرة قال ﴿وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ أعاد كلمة ﴿أُوتي﴾ وفي آل عمران قال ﴿وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ لأن إيتاء النبيين ورد في آل عمران قبل قليل ﴿لَمَا آَتَيْتُكُمْ﴾ فلم يكررها بينما هنا لم يذكرها . * ما الفرق بين أنزل وأوتي ؟ هذه الآية فيها إنزال وإيتاء ، الإنزال يأتي من السماء ويستعمل للكتب ، أما الإيتاء فهو يستعمل للكتب وغيرها مثل المعجزات . -- نسأل سؤالاً : مَنْ من الأنبياء المذكورين ذُكرت له معجزة تحدّى بها المدعوين؟ موسى وعيسى عليهما السلام ولم يذكرمعجزات للمذكورين الباقين ، هل هذه المعجزة العصى وغيرها إنزال أو إيتاء؟ هي إيتاء وليست إنزالاً ولذلك فرّق بين من أوتي المعجزة التي كان بها البرهان على إقامة نبوّته بالإيتاء وبين الإنزال، هذا أمر. -- كلمة ﴿أوتي﴾ عامة تشمل الإنزال والإيتاء ، الكُتب إيتاء لما يُنزل ربنا تبارك وتعالى الكتب من السماء هي إيتاء فالإيتاء أعمّ من الإنزال لأن الإنزال كما قلنا يشمل الكتب فقط ، أنزل يعني أنزل من السماء ، وآتى أعطاه قد يكون الإعطاء من فوق أو من أمامه بيده ، لذلك لما ذكر عيسى وموسى عليهما السلام ذكر الإيتاء لم يذكر الإنزال ثم قال ﴿وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ﴾ دخل فيها كل النبييبن لأنه ما أوتوا من وحي هو إيتاء ، ﴿وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ قد يكون إنزالاً ويكون إيتاء لكن ما أوتي موسى وعيسى عليهما السلام في هذه الآية هذا إيتاء وليس إنزالاً لأنه يتحدث عن معجزة ولأنهما الوحيدان بين المذكورين اللذين أوتيا معجزة ونجد أن حجج موسى لم تكن في الكتاب وإنما جاءه الكتاب بعدما أوتي المعجزات. وللعلم فإنه لم يرد في القرآن كلمة ﴿أنزل﴾ مطلقاً لموسى في القرآن كله وإنما استعملت كلمة ﴿أوتي﴾ لموسى ، أما بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم فقد جاء في القرآن ﴿ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم﴾ وجاء أيضاً ﴿وما أُنزل إليك﴾ .

ﵟ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﵞ سورة البقرة - 136


Icon