الوقفات التدبرية

(أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى...

﴿أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ * ﴿أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ﴾ وليست معدودة : - من حيث اللغة في غير العاقل : الجمع بصيغة الجمع ﴿معدودات﴾ يدل على القلة (حتى العشرة) ، و بصيغة المفرد ﴿معدودة﴾ يدل على الكثرة (أكثر من عشرة) ، ﴿أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ﴾ جمع قلة والشهر ثلاثون يوماً وجمع القلة حتى العشرة ولكن يجوز من باب البلاغة للتكثير وضع أحدهما مكان الآخر كما يستعمل القريب للبعيد والبعيد للقريب. وفيها أمران : - قد يكون تقليلاً لهن تهويناً للصائم. - قسم يقول أنها في أول فرض العبادة كانت ثلاثة أيام في كل شهر فقط ثم نُسِخ وجاء شهر رمضان فصارت معدودات. * ﴿عَلَى سَفَرٍ﴾ وليس في سفر لأن على سفر لا تعني أنه سافر بالفعل ، وكثير من الفقهاء قالوا على سفر أي أباح للمتهيء للسفر وإن لم يكن مسافراً أن يفطر إذا اشتغل بالسفر قبل الفجر. * ﴿طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ بدل للإيضاح والتبيين طعام مسكين إيضاح للفدية. * قال الحق بعد الحديث عن الفدية ﴿ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ﴾ : فعندما كان الصوم اختيارياً كان لابد أيضاً من فتح باب الخير والاجتهاد فيه، فمَنْ صام وأطعم مسكيناً فهذا أمر مقبول منه، ومن صام وأطعم مسكينين وجمع بين الصيام والفدية فذاك أمر أكثر قبولا. ومَنْ يدخل مع الله من غير حساب يؤتيه الله من غير حساب. * التفت من ضمير الغائب ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ إلى المخاطب ﴿وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ ولم يقل وأن يصوموا لئلا يخص المرضى والمسافرين وتتداخل مع قوله ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ لكن هذه أعم ليشمل الجميع المرخّص لهم وغيرهم. * جاء أسلوب الشرط مستخدماً ﴿إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ التي تفيد التشكيك والتقليل ولم يستخدم ﴿إذا﴾ التي تفيد الجزم والتحقيق وفي ذلك إشارة إلى أن علمك أيها المؤمن بفوائد الصيام في الدنيا والآخرة عِلمٌ غير محقق لأن فوائده خفية وأسراره قد لا تتوصل إلى معرفتها ولذلك يرغّبك في هذه العبادة حتى لو لم تدرك فوائدها إدراكاً كاملاً.

ﵟ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ۚ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ۚ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﵞ سورة البقرة - 184


Icon