الوقفات التدبرية

آية (٢٠١) : (وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا...

آية (٢٠١) : ﴿وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ * سياق الآيات في موسم الحج وهو فرصة للتوجه إلى الله عز وجل بالدعاء ، والله سبحانه وتعالى من رحمته أن يرشد الانسان دائماً إلى الخير.. فبعد أن قال تعالى ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ توجيه ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ لأنه كانت العرب بعد موسم الحج يأتون الى الأسواق الأدبية ويتفاخرون ويذكرون آباءهم حتى صاروا يتفاخرون بالقتلى. ﴿أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ فالمسلم ينبغي أن يكون ذاكراً لله سبحانه وتعالى وذكر الله يستتبع ذكر الآخرة وما فيها من نعيم ومن شقاء حقيقة. * كلمة حسنة جاءت نكرة في الموضعين: وهي وصف لموصوف محذوف، هذا الموصوف المحذوف على إطلاقه: بما يفكر به الانسان ، هذه الحسنة لنقل مثلاً آتنا في الدنيا عطايا حسنة والعطايا بتفاصيلها وفي الآخرة عطايا حسنة أيضاً بتفاصيلها فحذف الموصوف وأبقى الصفة. وكونها منكرة حتى تشير الى العموم الغالب يعني شيء عام, * كونوا كهؤلاء الذين يريدون في الدنيا لكن بالوصف الحسن وليس كأولئك الذين يريدون كل شيء في الدنيا ولم يقفوا عند هذا وإنما قالوا ﴿وفي الآخرة حسنة﴾ أيضاً بكل ما يتصور من العطايا الموصوفة بأنها حسنة في الآخرة ثم زاد عليهم في دعائهم وهذا تدريب ودعاء أن ادعوا هكذا ﴿وقنا عذاب النار﴾ الانسان لا ينبغي أن ينسى أن هناك ناراً وعمر رضي الله عنه يقول لجلسائه: يا فلان عِظنا، قال: يا أمير المؤمنين تزفر النار زفرة يوم القيامة (هذا الزفير النفخ) فلا يبقى ملك ولا شهيد ولا نبي ولا صالح إلا ويجثو على ركبتيه ولو كان لك عمل سبعين نبياً ما ظننتَ أنك ناج منها. يعني هذه الزفرة مخيفة من بعد ذلك وحتى عندما ينجي الله الذين اتقوا يحسّون بهذه اللذة لذة النجاة من هذه النار. * أتى وأعطى معنى متقارب معجمياً لكن ليس مترادفاً . فعل أتى ﴿أتي﴾ والفعل عطى (عطو) نجد أن العين والطاء والواو أقوى من الهمزة والتاء والياء فمعناه أن العطاء أو الإعطاء فيه نوع من القوة وليس فيه هذا اللين والرقة مثل الإتيان. لذلك كثيرون من أهل اللغة قالوا أن الإعطاء فيه تمليك والإيتاء ليس شرطاً أن يكون فيه تمليك.

ﵟ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﵞ سورة البقرة - 201


Icon