الوقفات التدبرية

آية (٢٠٧) : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء...

آية (٢٠٧) : ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ * الفرق بين الرضوان والمرضاة: الرضوان هو أعظم الرضى وأكبره والرضوان مصدر وهو الرضى ولم يستعمل في القرآن إلا من الله تعالى أما المرضاة فليست مختصة بالله تعالى وإنما تأتي لله تعالى ولغيره (تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ (١) التحريم). * الفرق بين الرأفة والرحمة: الرأفة أخصّ من الرحمة، الرأفة مخصوصة بدفع المكروه وإزالة الضرر تقول أنا أرأف به عندما يكون متوقعاً أن يقع عليه شيء. الرحمة عامة ليست مخصوصة بدفع مكروه (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (١٠٧) الأنبياء)، (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا (٦٥) الكهف). الرحمة عامة (وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا (٤٨) الشورى). عندما نقول في الدعاء يا رحمن ارحمنا هذه عامة أي ينزل علينا من الخير ما يشاء ويرفع عنا من الضر ما يشاء وييسر لنا سبل الخير عامة. * أفردت الرأفة عن الرحمة في موطنين فقط في القرآن كله في سورة البقرة ﴿والله رؤوف بالعباد﴾ وفي سورة آل عمران (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ (٣٠)) ما قال تعالى رؤوف رحيم. لو لاحظنا السياق الذي وردت فيه الآيتان: في سورة البقرة قال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (٢٠٦) وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ (٢٠٧)) لما يقول ﴿فحسبه جهنم﴾ السياق لا يناسب ذكر الرحمة. في آل عمران (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ (٢٨)) مقام تحذير والتحذير يعني التهديد ولا يتناسب التحذير مع الرحمة.

ﵟ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﵞ سورة البقرة - 207


Icon