الوقفات التدبرية

آية (٢١٢) : (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا...

آية (٢١٢) : ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ * لم يقل زينت مع أن الحياة الدنيا مؤنث: من حيث الحكم النحوي يجوز التذكير لأن: - الحياة مؤنث مجازي أي ليس له مذكر من جنسه فالبقرة مؤنث حقيقي لأن الثور ذكر من جنسها. كلمة سماء و الشمس مؤنث مجازي والقمر مذكر مجازي. - ثم هنالك فاصل بين الفعل والفاعل ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ﴾ والفاصل حتى في المؤنث الحقيقي يمكن تذكيره هذه قاعدة (أقبل اليوم فاطمة). لكن لماذا اختار التذكير؟ هنالك قراءة أخرى وهي ﴿زَيّن للذين كفروا الحياةَ﴾ بالبناء للمعلوم والفاعل الشيطان والحياة مفعول به، وهذه القراءة لا يمكن أن يقول فيها زَيّنت لذا التذكير صار واجباً. فأصبحت ﴿زينت﴾ لا تنسجم مع القراءة الثانية. * اختار الله تعالى صيغة الماضي للتزيين ﴿زُيّن﴾ وصيغة المضارع للسخرية ﴿ويسخرون﴾ : ليدلنا على أن التزيين أمر مستقر في الكافرين فهم أبد الدهر يعشقون الدنيا ويكرهون الموت. وأتى بفعل السخرية مضارعاً ليبيّن لنا أن الكافرين يسخرون من الإيمان وأهله بشكل متجدد متكرر. وفي ترتيب الفعلين دلالة منطقية لأن السخرية مبعثها حب الدنيا والشهوات، والتزيين سابق للسخرية فعبّر عنه بالماضي والسخرية ناشئة من تعلق القلب بالدنيا فعبّر عنها بالمضارع.

ﵟ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ۘ وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﵞ سورة البقرة - 212


Icon