الوقفات التدبرية

آية (٦٨) : (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ...

آية (٦٨) : ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾ * مع نوح ﴿وَأَنصَحُ لَكُمْ﴾ ومع هود ﴿وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾ ومع غيرهما ﴿وَنَصَحْتُ لَكُمْ﴾ : مع نوح استعمل ﴿أنصح﴾ بالفعل المضارع الذي فيه معنى التجدد والاستمرار لأنه مستمر في نُصحهم، هناك فرق بين التُهمتين: التهمة الأولى الضلال إتهموا نوحاً بأنه في ضلال، أي تائه بعيد عن الصواب والحق الذي كان عليه آباؤنا، والضلال وصف غير ثابت طارئ يمكن أن يتحول عنه بسرعة، بدل أن تعبد ربك أعبد أصنامنا، فلما كان الأمر يتعلق بشيء سهل التغيير استعمل الفعل في الرد عليه. التهمة الثانية السفاهة مع هود وهو شيء يكاد يكون ثابتاً في الإنسان، السفاهة نوع من الحمق يمكن أن يتحول عنه لكن بمدة طويلة فلما كان الأمر يتعلق بإتهام يكاد يكون ثابتاً إحتاج لنفيه أن يستعمل إسم الفاعل الذي هو دال على الثبات، ولم يكتف بهذا وإنما الجملة الأخيرة في الآية ﴿وأنا﴾ يريد أن يزيل عن نفسه هذه التهمة، ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي﴾ نفس اللفظة التي قيلت من نوح ولكن زاد عليها ﴿وأنا﴾ إستعمال المتكلم، ﴿لَكُمْ﴾ وليس لغيركم كأنه تخصيص ﴿وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾ نوع من التأكيد باستعمال الجملة الإسمية واستعمال ضمير المتكلم ومجيء هذه اللام التي هي للإيصال يعني أنا لأجلكم. الآية ٧٩ والآية ٩۳ ﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ﴾ الكلام فيهما بصيغة الماضي فلا موضع لإسم الفاعل فيهما.

ﵟ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﵞ سورة الأعراف - 68


Icon