الوقفات التدبرية

آية (٢٣٢) : (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ...

آية (٢٣٢) : ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ * ﴿فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ الله سبحانه وتعالى يريد أن يحصر مناقشة الانفصال أو الاستمرار بين الزوجين فقط فلا تتعداهما؛ لأن بين الاثنين من الأسباب ما قد تجعل الواحد منهما يُلين جانبه للآخر، لكن إذا ما دخل طرف ثالث فسوف تشتعل الخصومة لأن حرصه على بقاء عشرة الزوجين لا يكون مثل حرص كل من الزوجين على التمسك بالآخر. * استعمل العضل بمعنى المنع والحبس وهو لفظ أغرب بالدلالة من المنع فالمنع قد يحتمل أمرين: منعٌ بحق ومنعٌ بغير حق أما العضل فهو منع دون حق أو إصلاح فنهى الوليّ عن منع المرأة في العودة إلى زوجها دون وجه إصلاح. * الفرق بين ﴿ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ﴾ و ﴿ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ﴾: كلاهما جائز من حيث الحكم النحوي لكن من الناحية البيانية هنالك أسباب عدّة من جملتها : -- أن يكون في مقام توسع وتفصيل وإطالة في التعبير فيأتي بالحرف مناسباً لأن ﴿ذلكم﴾ أكثر من ﴿ذلك﴾ ، والعكس صحيح. -- قد يكون في مقام التوكيد فيأتي بما هو أكثر توكيداً فيجمع وإذا كان أقل توكيداً يُفرِد، ففي الآية هذا حُكم في الطلاق قال ﴿ذَلِكُمْ﴾، أما (.. إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ (١٢) المجادلة) أيُّ الحُكمين آكد وأدوم؟ الطلاق آكد وأدوم لأنه حكم عام إلى قيام الساعة يشمل جميع المسلمين أما الآية الثانية فهي للأغنياء ثم ما لبث أيام قليلة ونسخ الحكم (فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم (١٣)المجادلة)، إذا كان عندنا مجموعتان إحداهما أوسع من الأخرى يستعمل لها ضمير الجمع وللأقل ضمير الإفراد. * يقال ذلكم للتفخيم ولبيان الأهمية وهنا ﴿ذَلِكُمْ﴾ جاءت بعد ما فرغ القرآن الكريم من تعداد سبع مسائل من مسائل الطلاق: ١- المسألة الأولى حكم وجوب العدة ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ﴾. ٢- الحكم الثاني عن حقوق الزوجة ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ﴾. ٣- الطلاق الذي ثبت بالرجعة ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ﴾. ٤- حكم العوض في الخلع. ٥- الطلاق البائن بينونة كبرى. ٦- الإمساك للضرر والاعتداء. ٧- حكم العضل أخيراً قال بعده ﴿ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ﴾ إنتهى الموضوع بعد سبع أبواب من أبواب الفقه ، فحيثما وجدت كلمة ﴿ذلك﴾ معناها موضوع واحد، وحيثما وجدت كلمة ﴿ذلكم﴾ إعلم أن الإشارة إلى عدة مواضيع.

ﵟ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ۗ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﵞ سورة البقرة - 232


Icon