الوقفات التدبرية

آية (٢٥٦) : (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ...

آية (٢٥٦) : ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ * الفرق بين النفى ب﴿لا﴾ والنفي ب﴿ما﴾ فى قوله تعالى﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ : - ﴿لا﴾ النافية للجنس إخبار لشخص عن شيء لا يعلمه أو جواب عن سؤال ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ هذا تعليم وليس رداً على قول، بينما ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ﴾ هذه رد على قول. - ﴿ما﴾ أوسع استعمالاً في نفي الجنس فلا أستطيع أن أنفي الجنس بـ (لا النافية) إذا كان منفصلاً كأن أقول لا في الدين إكراه، أما ﴿ما﴾ فيمكن أن تكون متصلة أو منفصلة (مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ (٥٩) الأعراف) لا يمكن أن نقول لا لكم من إله غيره. * الفرق بين الرُشد والرَشَد والرشاد: - الرُّشْد يقال في الأمور الدنيوية والأُخروية فهي أعمّ مثل ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ في الدنيا. - الرَّشَد ففي الأمور الآخروية فقط (وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (٢٤) الكهف). - الرشاد هو سبيل القصد والصلاح (وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (٢٩) غافر). * ﴿قد﴾ إذا دخلت على الماضي ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ﴾ فهي للتحقيق أي تحقق استمساكه، وأحياناً تغير معنى الفعل من دعاء إلى خبر مثلاً تقول رزقك الله محتمل أنك تدعو له بالرزق وتحتمل أنك تخبره أن الله رزقه وأعطاه لكن لو قلت (قد رزقك الله) لا يمكن أن تكون دعاء وإنما إخبار لذا لا يصح أن تقول قد غفر الله لك وإنما تقول غفر الله لك. * ﴿لاَ انفِصَامَ لَهَا﴾ لم تأت في سورة لقمان: السياق هو الذي يحدد، ففي سورة البقرة قال ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ﴾ والطاغوت هو من كان رأساً في الطغيان مثل فرعون والشيطان، وأحياناً الكفر بالطاغوت يؤدي إلى أذى شديد أو إلى عذاب وهلكة إذن تحتاج إلى ﴿لاَ انفِصَامَ لَهَا﴾ يعني لا يحصل فيها أي خدش أو انفصال أو شيء وكأنها تحفيز للإستعصام والاستمساك بالله سبحانه وتعالى. أما في لقمان فهي اتباع ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ لا تحتاج.

ﵟ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انْفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﵞ سورة البقرة - 256


Icon