الوقفات التدبرية

* الفرق بين استعمال وصّى وأوصى : من الملاحظ في القرآن أنه يستعمل...

* الفرق بين استعمال وصّى وأوصى : من الملاحظ في القرآن أنه يستعمل وصّى في أمور الدين والأمور المعنوية وأوصى في الأمور المادية. (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ (١٣١) النساء) ويستعمل أوصى في المواريث (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ (١١) النساء) (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا (١١) النساء) . لم ترد أوصى في الأمور المعنوية وفي أمور الدين إلا في موطن واحد اقترنت بأمر مادي عبادي وهو قوله تعالى على لسان المسيح (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (٣١) مريم) قال أوصاني لأنها اقترنت بأمر مادي وعبادي وهو الزكاة والأمر الآخر أن القائل هو غير مكلّف لذلك خفّف من الوصية لأنه الآن ليس مكلفاً لا بالصلاة ولا بالزكاة فخفف لأنه لا تكاليف عليه. * الفرق بين الأبوين والوالدين: التي تلد هي الأم والوالد من الولادة التي تقوم بها الأم وهذه إشارة أن الأم أولى بالصحبة وأولى بالبر والاحسان قبل الوالد. وربنا سبحانه وتعالى لم يستعمل البر والإحسان والدعاء في جميع القرآن إلا للوالدين وليس الأبوين (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (٢٣) الإسراء) (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ (٢٨) نوح) استعمل البر والاحسان للفظ الوالدين وليس للفظ الأبوين. الوالدان للوالد والوالدة والأبوان للأب والأم. الوالدان هي تثنية الوالد والولادة الحقيقية للأم وليس للأب الأب ليس والداً لأنها هي التي تلد والأبوان تثينة الأب، من الأحق بحسن الصحبة الأب أو الأم؟ الأم، فقدّم الوالدين إشارة إلى الولادة، لكن في المواريث لأن الأب له النصيب الأعلى في الميراث من نصيب الأم استعمل الأبوين ﴿وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ﴾. في الأموال يستعمل الأبوين وفي الدعاء الوالدين. * الفرق بين الأبناء والأولاد : الأبناء جمع إبن وهي للذكور مثل قوله تعالى (يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ (٤٩) البقرة) أما الأولاد فعامة للذكور والإناث ﴿يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ﴾ (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ (٢٣٣) البقرة). * ختمت الآية ﴿إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا﴾ وفي آية الكلالة آخر السورة ختمت بقوله ﴿وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ أيها يدلّ على العِلم أكثر؟ عندما تقول كنت أعلم بهذا أو أعلم هذا؟ كنت أعلم بهذا أدل على العلم أي أعلم قبل أن تقع ﴿إن الله كان عليماً حكيماً﴾ أدلّ على العلم من ﴿والله بكل شيء عليم﴾. البعض يقول ﴿كان﴾ للماضي، كان يعلم بالأمر قبل أن يقع هذه أدل على العلم من يعلمه الآن. في الأولاد الذكور قال تعالى ﴿آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً﴾ إذن إن الله كان عليماً حكيماً. عندما شرّع هو يعلم هذا الأمر أصلاً. في آية الكلالة ما ذكر حيرتهم في عدم المعرفة، هناك ذكر حالتهم ﴿آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً﴾ لما ذكر جهل الإنسان وعدم المعرفة ذكر أن علمه سبحانه وتعالى سابق ﴿إن الله كان عليماً حكيماً﴾ ولما لم يذكر هذا الأمر ما اقتضى الأمر، ما فيها حيرة بين الناس قال ﴿والله بكل شيء عليم﴾. * كان في اللغة قد تكون للماضي أو للماضي المستمر وقد تأتي للإستقبال وفي كل صيغة تفيد معنى خاصاً: • أولاً: الزمان الماضي المنقطع كأن تقول كان نائماً واستيقظ، كان مسافراً ثم آب. • ثانياً: في الماضي المستمر (كان الإستمرارية) بمعنى كان ولا يزال، أي هذا كونه منذ أن وُجِد ﴿وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً﴾ ﴿إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾ لا تعني كان عدواً والآن أصبح صديقاً. • ثالثاً: و﴿كان﴾ تفيد الإستقبال ﴿وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَابًا﴾ أي صارت في المستقبل. • رابعاً: وتأتي بمعنى الحالة كقوله تعالى ﴿كنتم خير أمة أُخرجت للناس﴾ و ﴿إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا﴾. • خامساً: قد تكون بمعنى ينبغي. * ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾ جعل الله تعالى حظ الانثيين هو المقدار الذي يقدّر به حظ الذكر ولم يجعل حظ الذكر هو المقياس كأن يقول للأنثى نصف حظّ الذكر، أمعِن التأمل في هذا اللطف الإلهي فقد آثر ربنا تعالى هذا التعبير للإيحاء للناس بأن حظّ الأنثى هو الأهم في نظر الشرع وهو مقدّم على حق الرجل لأن المرأة كانت مهضومة الجانب عند أهل الجاهلية أما في الاسلام فقد أصبحِ حظّ المرأة ونصيبها هو المقياس.

ﵟ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۚ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﵞ سورة النساء - 11


Icon