الوقفات التدبرية

آية (٦) : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى...

آية (٦) : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ * دلالة استعمال ﴿إذا﴾ و﴿إن﴾ في القرآن الكريم: ﴿إذا﴾ في كلام العرب تستعمل للمقطوع بحصوله أو كثير الحصول كما في الآية ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ﴾ القيام إلى الصلاة كثير الحصول فجاء بـ ﴿إذا﴾ أما ﴿إن﴾ فتستعمل لما هو مشكوك فيه أو نادر او مستحيل ﴿وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ (6)﴾ كون الإنسان مريضاً أو مسافراً أو جنباً فهو أقلّ. * ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ معطوفة على الغسل في أول الآية ويجوز في كلام العرب العطف على الأول وإن كان هناك متعاطفات في ثنايا الجملة، اغسلوا تأخذ المفعول به ﴿وُجُوهَكُمْ﴾ وعُطف عليه ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ ثم قال ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ جاء بهذه الباء، العلماء يقولون لترتيب الأفعال ثم مسألأة الأرجل. فلما قال ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ منصوبة إذن هي معطوفة على منصوب. هنا ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ بالنصب معناه الأرجل مغسولة وليست ممسوحة وليست معطوفة على ﴿بِرُءُوسِكُمْ﴾. * ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ بالنصب عطفاً على ﴿فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ﴾ وجملة ﴿وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ﴾ معترضة أي وكأن السياق يقول (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم) وفائدة الاعتراض التنبه إلى ضرورة غسل الأرجل إذ الحكمة من الوضوء هي النقاء والتنظف لمناجاة الله تعالى فاقتضى ذلك أن يبالغ في غسل ما هو أشد تعرضاً للوسخ بكثرة الحركة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "ويل للأعقاب من النار". * دلالة الذكر والحذف في المائدة قال ﴿فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ﴾ بينما في النساء ﴿فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ﴾ : التفصيل في آية المائدة أكثر من آية النساء، آية النساء هي في الجُنُب وذوي الأعذار تحديداً ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا(٤٣)) أما آية المائدة ففي الجُنُب وغير الجُنُب وذوي الأعذار وذكر الوضوء وهو ما لم يذكره في آية النساء إذن هي عامة، فلما فصّل فصّل في البيان وزاد ﴿مِّنْهُ﴾. * جمعت كلمة المرافق وجاءت الكعبين بالتثنية المرافق جمع وهما مرفقان ولا إشكال فيها فكل يد لها مرفق واحد أما كل رجل فلها كعبين لكن قال تعالى الكعوب دلّ ذلك على وجوب غسل الكعبين فالله تعالى أراد أن يغسل كل واحد من المخاطبين إلى الكعبين. * في ختام آية المائدة ﴿مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ ذكر رفع الحرج وإتمام النعمة ويريد أن يطهركم وهذا يستوجب الشكر . بينما آية النساء ختمت بقوله ﴿إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ لأنه ذكر السُكارى لم تكن الخمر قد حُرِّمت. * الحرج هو الضيق والشدة والحرجة البقعة من الشجر الملتف المتضايق.

ﵟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﵞ سورة المائدة - 6


Icon