الوقفات التدبرية

* صيغت هذه الآية في مقام الترغيب فناسبه لفظ (أوتوا الكتاب) الذي يؤذن...

* صيغت هذه الآية في مقام الترغيب فناسبه لفظ ﴿أوتوا الكتاب﴾ الذي يؤذن بأنهم شُرّفوا بإيتاء التوراة وما ذاك إلا ليثير اهتمامهم وهمتهم للتخلق بسمات الراسخين منهم، بينما قوله تعالى ﴿أوتوا نصيباً من الكتاب﴾ جاء في مقام التعجيب والتوبيخ فناسبه كلمة ﴿نصيباً﴾ للإشارة إلى قلة علمهم الذي أخذوه من الكتاب. * كل الضمائر للمتكلم لكن حصل التفات في الأخير من الضمير إلى الإسم الظاهر بدل أن يقول وكان أمرنا مفعولاً قال ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً﴾ إلتفات من المتكلم الضمير (بما نزّلنا، نطمس، فنردّها، أو نلعنهم كما لعنا) إلى الغائب، الآن التفت قال ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً﴾ فبين لنا أن المتكلم هو الله، هو الذي يفعل ذلك والالتفات في البلاغة يثير التفات السامع ويثير نشاطه. وهناك أمر آخر أنه في كل تعبير في القرآن كله بلا استثناء يأتي بضمير الجمع للتعظيم، يتكلم فيه عن الله لا بد أن يكون قبله أو بعده ما يدل على أن الله تعالى مفرد ، ففي الآية عندنا مجموعة من ضمائر المتكلم فبموجب هذه الظاهرة القرآنية قال ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً﴾ حتى يكون هناك نسق واحد في القرآن الكريم أنه واحد لا شريك له سبحانه وتعالى. * نداء أهل الكتاب في القرآن ﴿يا أهل الكتاب﴾ ذكر اثنتي عشرة مرة بينما في هذه المرة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ﴾ يمكن أن نلحظ هنا شيئين: الأول أن الله تعالى أراد أن يعظهم وأن يذكرهم بأنه أعطاهم الكتاب وبأنه أنزل إليهم الكتاب فعليهم أن يعملوا بما فيه، هذا مقام استدعى دعوتهم إلى الإيمان. هنا بعض المفسرين يقولون أن هذا الموقف استخفاف بهم فلم يقل ﴿يا أهل الكتاب﴾ وإنما قال ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ﴾ استخفافاً بهم وتجاهلاً لهم.

ﵟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ﵞ سورة النساء - 47


Icon